تتابع روابط ميثاق الحقيقة والعدالة باهتمام بالغ التصريحات الصادرة مؤخراً عن ممثلي الحكومة السورية حول نية إنشاء هيئة وطنية تُعنى بشؤون المفقودين/ات في سوريا، وترحب بهذه الخطوة المبدئية وتدعو إلى الاستثمار بها بشكل جاد ومسؤول يضمن تحقيق العدالة وكشف مصير جميع المفقودين/ات دون استثناء.
نرى في روابط ميثاق الحقيقة والعدالة، أن معالجة ملف المفقودين/ات في سوريا لا يمكن أن تتم بمعزل عن المشاركة الفاعلة لروابط الضحايا وأسرهم/ن، وأن أي تصور لهيئة من هذا النوع لا بد أن يستجيب لمطالبهم/ن في كشف الحقيقة وإنصاف الضحايا، وأن يكون تأسيسها منسجمًا مع منظور متكامل للعدالة الانتقالية.
وحيث نشدد على أن التكامل بين هيئة المفقودين وهيئة العدالة الانتقالية ليس خياراً، بل ضرورة، تضمن التنسيق بين مسارات الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر وتخليد الذكرى، وتمنع تجزئة العدالة أو توظيفها سياسياً. ونؤكد على أهمية الربط المؤسسي بين الهيئتين بما يضمن انسجام الأهداف وتكامل الوظائف والصلاحيات.
كما نؤكد على أهمية التنسيق الكامل والتكامل العملي مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، والتي أُنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبجهود ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، بوصفها جهة أساسية قائمة لا يمكن تجاهلها أو إضعاف دورها، بل يجب الاستفادة من خبراتها ومواردها والبناء على ما تم إنجازه مسبقاً لتعزيز الجهود الوطنية في معرفة الحقيقة وكشف المصير.
وتؤمن روابطنا أن العدالة لا يمكن أن تكتمل دون معرفة مواطن الخلل التي سمحت بوقوع جرائم الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي ومعالجتها، وضمان عدم تكرارها مستقبلاً، وأن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون إصلاح البنية القانونية الحالية عن طريق تعديل التشريعات القائمة، والاعتراف القانوني بحالات الفقدان، وإزالة العقبات أمام الوصول إلى الحقيقة والمعلومات والأرشيفات وأماكن الدفن.
وفي هذا السياق، تذكر روابطنا أن غياب العدالة يبقي الصراعات مستمرة في الوجدان والذاكرة الجمعيين، وتؤكد أن الحق في المعرفة والمساءلة والمحاسبة وجبر الضرر، يعد ركيزة أساسية نحو المصالحة الوطنية والسلم الأهلي، ويمنح المجتمع السوري وأفراده فرصة للشفاء من الجراح، لتكون العدالة بذلك أداة لإعادة بناء النسيج الاجتماعي وتحقيق السلام والاستقرار المستدامين.
أخيراً، نشدد في ميثاق الحقيقة والعدالة على ضرورة إشراك روابط الضحايا والناجين/ات في جميع مراحل المشاورات المتعلقة بإنشاء الهيئة، بدءاً من بلورة التصور الأولي، مرورًا بتحديد الولاية والصلاحيات، وانتهاءً بتعيين الهيكل الإداري واتخاذ القرارات وتصميم وتنفيذ مهام هذه الهيئة، بصفتهم/ن أصحاب الحق، ولا يمكن تصور عمل حقيقي وفعّال دونهم/ن.
إننا في روابط الميثاق، نضع خبراتنا، ورؤيتنا، وشبكتنا الواسعة من العائلات والناجين في خدمة أي مسعى وطني صادق يُبنى على أسس العدالة والمساءلة وكشف الحقيقة، ونؤكد أن أي تجاهل لهذا الدور لن يساهم إلا في تأخير بناء السلام وتعميق جراح السوريين/ات وتأجيل الاستحقاق الأخلاقي والقانوني الذي طال انتظاره وبالتالي عدم تحقيق العدالة التي هي غاية وهدف تشكيل هذه الهيئة.
ميثاق الحقيقة والعدالة