مقدمة:
قُتل أربعة مدنيين كُرد من عائلة واحدة، وأصيب ثلاثة آخرون بجروح، نتيجة إطلاق مسلحي الجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا، النار بشكل مباشر عليهم في بلدة جنديرس بريف عفرين شمال سوريا، يوم 20 آذار/مارس 2023، على خلفية احتفالهم بالـ “نوروز”، عيد رأس السنة الكُردية.[1]
وقع الهجوم عشية نوروز، حيث أطلق مسلحو “جيش الشرقية/حركة التحرير والبناء”، النار بشكل مباشر على أفراد العائلة الكُردية، أثناء احتفالهم أمام منزلهم في جنديرس، وإيقاد شعلة نوروز، وهو أحد أهم الطقوس التي يتبعها الكُرد سنوياً بمشاركة شعوب أخرى في سوريا وعموم المنطقة. أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة أشقاء كُرد وأبن أحدهم، كما أصيب قريب آخر لهم وهو في حالة خطيرة، وأصيب شخصان آخران بجروح طفيفة.
الضحايا الأربعة الذين قُتلوا هم الأشقاء فرح الدين عثمان (43 عاماً)، ومحمد عثمان (42 عاماً)، ونظمي عثمان (38 عاماً)، بالإضافة إلى محمد عثمان (19 عاماً)، وهو نجل فرح الدين. وسبق أنّ وثقت “تآزر” تعرض الضحية فرح الدين عثمان، للاعتقال والتعذيب بشدة على يد مسلحي “جيش الشرقية”، عقب دخولهم إلى منطقة عفرين في عام 2018، نتيجة مطالبته باستعادة منزله، الذي كان عناصر الفصيل قد استولوا عليه.
تحدثت “تآزر” إلى ناجِ من ذوي الضحايا، وشاهديّن اثنين، ونشطاء من المنطقة، كما راجعت صوراً ومقاطع فيديو حول الجريمة، وخَلُصت إلى أن الهجوم على الضحايا كان بهدف منعهم من احياء طقوس الاحتفال بعيد نوروز.
وتحتل تركيا منطقة عفرين الكُردية السورية، منذ عام 2018، نتيجة عمليتها العسكرية التي أطلقت عليها “أنقرة” أسم “غصن الزيتون“، بمشاركة فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومة منها، والتي أدت إلى مقتل عشرات المدنيين وتشريد عشرات الآلاف، بحسب “الأمم المتحدة”. منذ ذلك الحين، يبسط أكثر من 40 فصيلاً مختلفاً من “الجيش الوطني” سيطرتهم على قرى وبلدات منطقة عفرين، وتحققت “تآزر” من السيطرة الفعلية لـ “جيش الشرقية”، التابع لحركة التحرير والبناء، على أحياء عديدة في بلدة جنديرس، بما فيها الحي المعروف بـ “المنطقة الصناعية”، حيث وقعت الجريمة.[2]
تلك ليست المرة الأولى التي تشهد فيها عفرين المحتلة من قبل تركيا ووكلائها من الفصائل السوريّة المسلّحة منذ آذار/مارس 2018، جرائم وانتهاكات، فقد وثقت العديد من المنظمات الدولية والمحلّية المستقلة واللجان الأممية أنماطاً متكررة ومُمنهجة لانتهاكات حقوق الإنسان مثل القتل، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وسوء المعاملة والتعذيب والنهب ومصادرة الممتلكات، إضافة إلى إجبار السكان الكُرد على ترك منازلهم، وعرقلة عودة السكان الأصليين، وممارسات التتريك والتغيير الديمغرافي.
قبل احتلال منطقة عفرين من قبل تركيا في عام 2018، كان مئات الآلاف من سكانها الكُرد يحتفلون بعيدهم القومي، بين أحضان طبيعة عفرين الخلابة، لكن منذ خمسة أعوام، لم يتسنَ للكُرد الباقون في عفرين، الاحتفال بعيد نوروز، نتيجة القمع والانتهاكات المستمرة بحقهم من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها “أنقرة”.
احتجاجات واسعة:
تلا وقوع جريمة القتل احتجاجات شعبية عارمة، شهدتها بلدة جنديرس ومناطق أخرى في عفرين، ندد خلالها المحتجون بسلطات الأمر الواقع، كما طالبوا بخروج فصائل “الجيش الوطني السوري” من المنطقة، وتوفير حماية دولية للمدنيين، لوضع حد للانتهاكات التي ترتكبها تلك الفصائل.
كما نقل المئات من السكان، في ليلة وقوع الجريمة، جثث الضحايا إلى قرية “أطمة” بريف إدلب، مطالبين “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على منطقة إدلب ومساحات واسعة من غرب حلب، بالتدخل لمحاسبة مرتكبي الجريمة، وظهر مقطع مصور تمّ تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصول قائد الهيئة أبو محمد الجولاني إلى أطمة والتقائه بذوي الضحايا، حيث خاطبهم بالقول: “هذا آخر يوم تتعرضون فيه لاعتداء، أنتم بحمايتي إن شاء الله، وستعودون إلى بيوتكم مكرّمين”، لترد إحدى النساء قائلةً: “لا نريد الفصائل، لا نريد فصائل”.
اتخذ التنظيم المُصنف على لوائح الإرهاب هذه الجريمة كذريعة للتوغل في بلدة جنديرس وريفها، حيث شهد صباح اليوم التالي، 21 آذار/مارس 2023، انتشاراً أمنياً مكثفاً لـ “هيئة تحرير الشام”، مع انتشار أنباء عن سيطرتها على مقار عسكرية تابعة لـ “جيش الشرقية”، وفرع الشرطة العسكرية في المدينة.
تحول تشييع الضحايا، بتاريخ 21 أذار/مارس 2023، إلى احتجاجات شعبية واسعة، شهدتها بلدة جنديرس ومناطق أخرى في عفرين، حيث حمل المتظاهرون أغصان الزيتون، وجثامين الضحايا ملفوفة بالعلم الكُردي، ولافتات كُتب عليها “خمس سنوات من الظلم والقهر والتغيير الديمغرافي، لا لقتل المدنيين الكُرد، نطالب بوقف الجرائم، وإيجاد حلول جذرية للمنطقة”، مطالبين بالحماية الدولية ووضع حد للانتهاكات التي يرتكبها الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.
تحدث أحد المحتجين لـ “تآزر” حول المطالب التي نادت بها الاحتجاجات التي شهدتها بلدة جنديرس ومناطق أخرى في عفرين، قائلاً:[3]
“استهدفت هذه الجريمة البشعة أناس أبرياء عُزّل، وتضاف إلى سلسلة الجرائم والانتهاكات التي تشهدها منطقة عفرين منذ خمس سنوات، لذا خرجنا متظاهرين لنقول كفى ظلماً وقهراً، ونطالب بمحاسبة مرتكبي تلك الجريمة وإخراج فصائل الجيش الوطني السوري من المنطقة وتوفير الحماية للمدنيين، فجميعنا هنا في خطر اليوم، ونعيش تحت ظلم شديد، نتعرض لانتهاكات يومية، وندفع الفدى والأتاوات، كما يتم الاستيلاء على محاصيلنا الزراعية”.
محاولة تضليل الحقائق:
لم تمضِ سوى ساعات على وقوع الجريمة، حتى نشر “أحمد الهايس” المعروف باسم “أبو حاتم شقرا“، قائد تجمع “أحرار الشرقية” ونائب قائد حركة التحرير والبناء، تغريدة عبر حسابه الشخصي على تويتر، نفى فيها مسؤولية قواته عن مقتل أربعة مدنيين كُرد في ناحية “جنديرس” بريف عفرين مشيراً إلى أن فرقته ليس لديها مقرات في الناحية.
تؤكد الشهادات والمعلومات التي حصلت عليها “تآزر”، وتحققت منها، أن منفذي الجريمة التي حصلت عشية نوروز في بلدة جنديرس، ينتمون لفصيل “جيش الشرقية” المنضوي هو الآخر تحت لواء حركة التحرير والبناء التابعة للجيش الوطني السوري، الذي تدعمه تركيا.
وأصدرت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة بتاريخ 21 أذار/مارس 2023 بياناً لم تشر فيه إلى مسؤولية قواتها عن الجريمة، مدعيةً أن الجريمة حصلت كنتيجة لمشاجرة نشبت بين سكان الحي، ورجلين أحدهما مدني والآخر عسكري، قام على إثرها الجناة بإطلاق الرصاص ومن ثم لاذوا بالفرار، على حد وصفها.
محاولة زرع الفتنة:
فضلاً عن محاولة التهرب من مسؤولية قواتها إزاء ارتكاب الجريمة، هناك ما يدعو للاعتقاد أن حركة التحرير والبناء، التابعة للفيلق الأول في الجيش الوطني السوري، ربما حاولت الدفع باتجاه إحداث فتنة بين المجتمعات المحلية السورية، ولا سيما بين العرب والكُرد في منطقة شرق الفرات/شمال شرق سوريا، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية – قسد.
فبعد يوم واحد على وقوع الجريمة، نشرت حركت التحرير والبناء بياناً نفت فيه تبعية مرتكبي الجريمة للحركة أو أحد مكوناتها، وقالت إنّ مرتكبي الجريمة هم شخصان من أبناء المنطقة الشرقية (تقصد محافظة دير الزور)، وإنها قامت بإلقاء القبض على أحدهما، ومازالت جهودها مستمرة لإلقاء القبض على الشخص الثاني المتواري عن الأنظار.
في ذات اليوم، وبتاريخ 21 اذار/مارس 2023، أعلنت “حركة التحرير والبناء”، في بيان مصور، إلقاء القبض على مرتكبي الجريمة، وأظهرت ثلاثة متهمين سألهم قارئ البيان عن أسمائهم ومناطق سكنهم تباعاً، وبينما أجاب المتهمون الثلاثة بأنهم يعيشون في مخيمات جنديرس، أعاد عضو الحركة سؤال كل واحد منهم حول المنطقة التي ينحدرون منها، ليجيبوا بأنهم ينحدرون من مدينة دير الزور وريفها.
تعتقد “تآزر” أنّ تأكيد “حركة التحرير والبناء” في أكثر من مناسبة على أنّ مرتكبي الجريمة من أبناء المنطقة الشرقية/محافظة دير الزور، ربما هي محاولة لبث الفتنة بين الشعبين الكُردي والعربي في مناطق الجزيرة السورية/شمال شرق سوريا، بعد مضي 19 عاماً على تدبير فتنة مشابهة من قبل الحكومة السورية في مدينة القامشلي/قامشلو، والتي أفضت إلى انتفاضة الشعب الكُردي ضد النظام السوري في آذار/مارس من عام 2004.[4]
وأصدرت 155 منظمة سوريّة، بينها “تآزر” بياناً، بتاريخ 25 آذار/مارس 2023، أدانت فيه مقتل مدنيين كُرد عشية احتفالهم بعيد نوروز، ودعت جميع سكان عفرين الأصليين والنازحين إليها، إلى التآزر فيما بينهم إزاء الانتهاكات التي ترتكبها المجموعات المسلّحة، وحثّتهم على رفض محاولات إحداث شرخ بين المجتمعات المحلية في سوريا. كما طالب البيان الأمم المتحدة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين في عفرين وعموم سوريا ووقف الانتهاكات الواسعة بحقهم بشكل فوري.
المسؤولية القانونية:
لم تتحمل تركيا مسؤولياتها إزاء المناطق التي تحتلها في شمال سوريا ومن بينها عفرين، إذ تقاعست باستمرار عن توفير الحماية للمدنيين، وأطلقت العنان للجماعات المسلحة التي تدعمها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
بصفتها سلطة احتلال، فأن تركيا مُلزَمة، وفقاً للمادة 43 من لوائح لاهاي لعام 1907، باتخاذ جميع التدابير ضمن نطاق سلطتها لاستعادة وضمان النظام والسلامة العامَّين في المنطقة المحتلة قدر الإمكان، كما أنها ملزمة بضمان احترام القواعد المعمول بها من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لحماية سكان المناطق المحتلة من أعمال العنف، وعدم التساهل مع أعمال العنف المرتكبة من قبل أي طرفٍ ثالثٍ. وإذا لم تتدخل القوات التركية لوقف تلك الانتهاكات عندما يتم إعلامها بها، فأنها قد تنتهك الالتزامات المذكورة أعلاه.[5]
كذلك لم يقم “الجيش الوطني السوري” بالتحقيق في ممارسات قواته، التي تستمر في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كما لم تفعل الحكومة التركية، التي تمارس السلطة والقيادة الفعلية على تلك القوات، ما يكفي لتغيير سلوكها التعسفي، بل يتضح في بعض الحالات أنها كانت شريكة في ارتكاب تلك الانتهاكات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها بعنوان “سوريا: مقاتلون مدعومون من تركيا يقتلون 4 مدنيين أكراد”، أن تركيا سمحت لمقاتلي “الجيش الوطني السوري” المدعومة منها، بالاعتداء على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتها دون عقاب، وهذا يعرضها للتواطؤ في هذه الانتهاكات.
التوصيات:
تتضامن “تآزر” مع ذوي ضحايا جريمة عشية نوروز وتتمنى الشفاء العاجل للجرحى، وتؤكّد وقوفها إلى جانب جميع الضحايا والناجين/ات في عموم سوريا، كما تعلن دعمها الكامل لمطالب المحتجين في عفرين، وتجدد الدعوة للاستجابة لمطالب 155 منظمة سوريّة، دعت في بيانها إلى:
1. الأمم المتحدة:
- اتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل حماية السكان في عفرين وعموم سوريا، والضغط على تركيا بوصفها قوة احتلال لتحمل مسؤولياتها القانونية في ضمان النظام العام والسلامة العامة، والحفاظ على القانون والنظام.
- الضغط على الحكومة التركية من أجل إيقاف عمليات التغيير الديموغرافي في عفرين ورأس العين/سري كانيه والمناطق الأخرى، والالتزام ببنود اتفاقية لاهاي لعام 1907، وتسليم إدارة تلك المناطق إلى سكانها الأصليين من السوريين/ات.
- اتخاذ تدابير فعالة لإيقاف تمدد “هيئة تحرير الشام” المصنفة على لوائح الإرهاب في عفرين وباقي مناطق الشمال السوري.
2. حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي: تفعيل العقوبات الصادرة بحق كيانات وقادة في الفصائل السوريّة المسلحة المتورطة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وتوسيعها لتشمل باقي المجموعات والأفراد المسؤولين عن الانتهاكات في الشمال السوري، بما في ذلك المسؤولين الأتراك الذين يديرون تلك المناطق بشكل فعلي.
3. وحدات جرائم الحرب في الدول التي تسمح تشريعاتها بمحاكمات وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية، الآلية الدولية المحايدة والمستقلة IIIM، والمنظمات الدولية المختصة: تكثيف العمل على توثيق انتهاكات جميع الأطراف، وخاصة تلك التي تحدث في عفرين وعموم الشمال السوري، والتي تستهدف مجموعات عرقية أو دينية أو اثنية بعينها.
4. لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا: إصدار إحاطة حول حالة حقوق الإنسان في الشمال السوري، وخاصة في المناطق الخاضعة للسيطرة الفعلية التركية، ومن بينها عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض وإعزاز والباب.
كما تطالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والحكومة السورية المؤقتة وجميع الهيئات السياسية المنضوية تحت مظلتها، بمسؤولياتها القانونية والسياسية والأخلاقية إزاء الجرائم المرتكبة في عفرين، وتدعوهم إلى التدخل من أجل وقف انتهاكات المجموعات المسلّحة التابعة لها ودعم مطالب السكان المحليين.
حيثيات الجريمة:
تحدثت “تآزر” إلى ناجِ من ذوي الضحايا، وشاهديّن اثنين على الجريمة، وقد أكدوا أن الاعتداء على عائلة الضحايا، الذي سبق الجريمة، كان بهدف منعهم من احياء طقوس الاحتفال بعيد نوروز.
وقعت الجريمة في وقت لم تتعافَ فيه عفرين من آثار زلزال شباط/فبراير 2023 المدمّر، الذي راح ضحيته المئات من سكانها، حيث لاقى حوالي 1100 شخص مصرعهم في جنديرس وحدها نتيجة الزلزال، وتضررت آلاف المباني، مما ترك ما لا يقل عن ألفي عائلة دون مأوى.
كانت عائلة “عثمان” المعروفة محلياً باسم عائلة “بيشمرك” أيضاً من ضحايا ذاك الزلزال، حيث تقيم في خيمة نصبتها بالقرب من منزلها، مكان وقوع الجريمة، وقد تحدث أحد الناجين من ذوي الضحايا، والذي كان شاهداً على الجريمة قائلاً:[6]
“حدث ذلك عشية نوروز، حيث كان الضحايا جالسون أمام منزلهم المتضرر من الزلزال، وقد أشعلوا النار في موقد للفحم أمام الخيمة التي يقيمون فيها، فضلاً عن إيقاد شعلة نار فوق سطح المنزل ابتهاجاً بقدوم عيد نوروز، حين أتى عنصران من جيش الشرقية، أحدهما كان مسلحاً، وسألوا بعصبية حول سبب إشعال النار، وما إذا كانت احتفالاً بعيد نوروز”.
تطور الحديث إلى مشادات كلامية بين الضحايا وعناصر جيش الشرقية، الذين وجهوا شتائم للضحايا ورموهم بالحجارة، ثم ذهبوا إلى قاعدة الفصيل بالحيّ، الكائنة في منزل على بعد 15 إلى 20 متر فقط، وعادوا مع رجل آخر، ثلاثتهم مسلحون، وفقاً للشاهد الذي أضاف:
“حاول المسلحون الاعتداء بالضرب على الشاب محمد فرح الدين، لكن والده حاول منعهم، فتراجع المسلحون نحو الخلف، وبدأوا بإطلاق النار عشوائياً على فرح الدين عثمان وأفراد آخرين من العائلة خرجوا ليروا ما سبب الضجة، فقُتل هو وابنه وأحد أشقائه فوراً، وأصيب اثنان من العائلة بجروح خطيرة، فضلاً عن إصابة شخصين آخرين بجروح طفيفة”.
وفيما لاذ الجناة بالفرار، أسعف سكان الحيّ الضحايا إلى المشفى العسكري في جنديرس، والذي رفض استقبال الجرحى بسبب نقص الخدمات الطبية، ليتم تحويلهم إلى مشفى في مدينة عفرين، حيث توفي شقيق آخر في صباح اليوم التالي، ليصبح عدد الضحايا الذين قُتلوا، أربعة أشخاص، ثلاثة أشقاء وابن أحدهم، كما أصيب قريب آخر لهم وهو في حالة خطيرة، وأصيب شخصان آخران بجروح طفيفة.
راجعت “تآزر” صوراً للضحايا الذين قُتلوا، تُظهر إصابتهم بطلقات نارية متعددة في الصدر والوجه والرقبة، حيث تمّ دفنهم لاحقاً بمشاركة آلاف المحتجين في مقبرة ببلدة جنديرس.
———————-
[1] تعني كلمة نوروز بالكُردية “يوم جديد”، وهو عيد رأس السنة الكُردية، أو العيد القومي للشعب الكُردي، وشعوب أخرى في العالم. بحسب الأمم المتحدة، يحتفل ما يزيد عن 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بيوم نوروز، باعتباره بداية العام الجديد، ذلك منذ أكثر من 3000 سنة، ولا سيما في آسيا الوسطى والبلقان وحوض البحر الأسود والشرق الأوسط والقوقاز وفي مناطق أخرى. ويضطلع هذا العيد، بوصفه تجسيداً لوحدة التراث الثقافي ولتقاليد تعود إلى قرون عديدة، بدور هام في تعزيز الروابط بين الشعوب على أساس الاحترام المتبادل ومُثل السلام وحسن الجوار. كما أن الأسس التي تقوم عليها تقاليد نوروز وطقوسه تجسد جوانب من العادات الثقافية والتاريخية لحضارات الشرق والغرب التي أثرت في الحضارات من خلال تبادل القيم الإنسانية.
[2] أعلنت فصائل “أحرار الشرقية” و “جيش الشرقية” و “الفرقة 20” و “صقور الشام (قطاع الشمال)” التابعة للجيش الوطني السوري، المدعوم من تركيا، بتاريخ 15 شباط/فبراير 2022، اندماجها تحت مسمى “حركة التحرير والبناء“، وكُلّف قائد “جيش الشرقية”، الرائد حسين الحمادي بقيادة الحركة، في حين عُيّن قائد “أحرار الشرقية” المعروف بـ “أبو حاتم شقرا”، نائباً له.
[3] تمّ إجراء اللقاء عبر الأنترنت، بتاريخ 22 آذار/مارس 2023، وتمّ إخفاء معلومات الشاهد حفاظاً على سلامته.
[4] حدث ذلك في مدينة القامشلي/قامشلو، بتاريخ 12 آذار/مارس 2004، عقب صدامات مباشرة بالحجارة والأسلحة البيضاء بين مشجّعي فريق “الفتوة” القادمين من محافظة دير الزور، ومشجّعي فريق “الجهاد” المحلّي المضيف، أثناء مباراة لكرة القدم في الدوري السوري، حيث تدخلت قوات الشرطة والأجهزة الأمنية السّورية وأطلقت الرصاص بشكل مباشر على المشجعين الكُرد، وقُتل على إثر ذلك ما لا يقل عن ستة أشخاص. تحولّت فيما بعد، وفي اليوم التالي، وتحديداً بتاريخ 13 آذار/مارس 2004 إلى مظاهرات غاضبة وعارمة في العديد من المدن والمناطق التي كان يقطنها الكُرد في عموم سوريا، وخاصةً في القامشلي/قامشلو وعامودا والدرباسية ورأس العين/سري كانيه وكوباني وعفرين وأحياء كُردية في مدينتي دمشق وحلب والقحطانية/تربي سبي والمالية/ديريك وغيرها، حيث سقط قتلى آخرون وجُرح عشرات الجرحى، كما اعتقلت القوات الأمنية السورية مئات المدنيين الكُرد خلال تلك الأيام، قضى بعضهم أكثر من عام في سجونها.
[5] ICJ, Armed Activities on the Territory of the Congo (Democratic Republic of the Congo v. Uganda), Judgment, 19 December 2005, ICJ Reports 2005, para. 178.
[6] تمّ إجراء اللقاء عبر الأنترنت، بتاريخ 22 آذار/مارس 2023، وتمّ إخفاء معلومات الشاهد حفاظاً على سلامته.