مقدمة:
قُتل ثلاثة مدنيون، من طالبي اللجوء السوريون وأصيب آخرون بجروح، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليهم من قبل قوات حرس الحدود التركية (الجندرما)، خلال عام 2022، أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، في المنطقة الممتدة بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض في شمال سوريا.
كما اعتُقل 113 شخصاً، بينهم 7 نساء و3 أطفال، خلال العام نفسه، من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في منطقة “نبع السلام”، بسبب التوجه إلى الحدود التركية أو محاولة قطعها طلباً للجوء.[1]
تعرّض المحتجزون/ات لسوء المعاملة والتعذيب في سجون “الجيش الوطني السوري”، كما تعرضت عائلات معظمهم/ن للابتزاز، وقد تمَّ إطلاق سراح 86 شخصاً منهم، بعد أن دفعت عائلات أكثر من 70 منهم على الأقل فدى مالية، فيما بقي مصير 27 محتجزاً مجهولاً.
وفي معظم حالات الاعتقال التي وثقتها “تآزر”، احتُجز المدنيون في سجون الشرطة العسكرية أو المدنية في مدينتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، وسجن بلدة “مبروكة” غربي رأس العين/سري كانيه، في ظل ظروف احتجاز سيئة.
ساهمت “ادعاءات كاذبة” في زيادة عدد طالبي اللجوء الذين حاولوا الدخول إلى تركيا من منطقة رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، لكنهم أصبحوا ضحايا للقوات التركية و”الجيش الوطني السوري” على حد سواء، أما نتيجة تعرضهم للاعتقال من قبل تلك الفصائل أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية، أو للاستهداف بإطلاق الرصاص الحي من قبل “الجندرما” بقصد القتل، من أجل منعهم من ذلك.
تؤكد الشهادات والمعلومات التي تحققت منها “تآزر” أن عناصر وقادة فصائل “الجيش الوطني السوري”، هم من يديرون عمليات الإتجار بالأشخاص وتهريبهم بطريقة غير شرعية إلى تركيا، مقابل الحصول على المال، حيث وثقت الرابطة نشوب ما لا يقل عن 12 حالة اقتتال/اشتباك داخلي بين تلك الفصائل في منطقة “نبع السلام”، خلال النصف الأول من عام 2022، بسبب خلافات حول تقاسم واردات تهريب البشر إلى تركيا.
وكانت الإجراءات الفعلية لمنع دخول السوريين إلى تركيا قد بدأت منذ أواخر عام 2015، حينما شرعت تركيا ببناء جدار حدودي مع سوريا، والذي يبلغ طوله 911 كيلو متراً على طول الحدود التركية السورية، ويتألف من كتل إسمنتية يبلغ ارتفاع الواحدة منها أربعة أمتار.
أرغمت جميع تلك القيود السوريين على اللجوء إلى طرق عبور غير شرعية وخطرة في معظم الأحيان، وأصبحوا ضحايا لمجموعات منظمة لتهريب البشر من سوريا إلى تركيا، وترتبط أغلب تلك المجموعات بأطراف النزاع المسيطرة في عموم سوريا بشكل أو بآخر، أو يتم غض النظر عنها وعن نشاطاتها.
وتتبع الحكومة التركية “سياسة الاعتداء الممنهجة” لمنع عبور طالبي اللجوء السوريين إلى أراضيها، حيث يقوم عناصر “الجندرما” التركية، المنتشرين على طول الحدود، بضرب وإهانة وتعذيب الأشخاص الذين يحاولون اجتياز حدودها بطريقة غير شرعية، فضلاً عن استهدافهم بإطلاق النار بشكل مباشر، في مراتِ كثيرة، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، منذ بناء الجدار الحدودي.
إن استمرار الممارسات العنيفة من قوات حرس الحدود التركية تجاه طالبي اللجوء السوريين، يتزامن مع ما تقوم به السلطات التركية بترحيل آلاف اللاجئين السوريين من أراضيها قسراً[2]، والتخطيط لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري من تركيا إلى الشمال السوري، فضلاً عن التهديد بشنّ عمليات عسكرية جديدة.
المسؤولية القانونية:
بناءً على ما ورد في هذا التقرير من حالات القتل والاعتقال والتعذيب، فأنها تعتبر وبدون أدنى شك، جرائم وانتهاكات واضحة للعديد من حقوق هؤلاء المدنيين، ضمن إطار القانون الدولي الإنساني[3] وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان[4]، ناهيك عن انتهاك حقهم في اللجوء، وإرجاع من بقي منهم على قيد الحياة قسراً، إلى مناطق نزاع غير آمنة[5].
إن حالات القتل بالاستهداف المباشر والإعدامات غير القانونية على الحدود، تعتبر انتهاكاً واضحاً لحق هؤلاء الضحايا في الحياة وضمان عدم حرمانهم منها بشكل تعسفي[6]، وهو ما يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أما عن حالات الاعتقال التعسفي للأشخاص الذين حاولوا عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، من قبل “الجيش الوطني السوري” المعُارض، وسوء المعاملة التي تلقاها هؤلاء المحتجزون، فهي بدون أدنى شك تعتبر تعذيباً، وبالتالي انتهاكاً واضحاً وجريمة تستوجب المحاسبة استناداً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة[7] لعام 1984، علماً بأن جميع الناس، والمعتقلين منهم على وجه الخصوص لهم الحق في الحياة والسلامة الشخصية من جميع أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وفق ما يضمنه القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان في حالات الحرب كما في حالات السلم.
بصفتها قوة احتلال، على السلطات التركية ضمان عدم قيام مسؤوليها ومن تحت قيادتهم في “الجيش الوطني السوري” باحتجاز أي شخص تعسفياً أو إساءة معاملته. السلطات التركية ملزمة بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة وضمان معاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب.
مقتل ثلاثة طالبي لجوء سوريون برصاص الجندرما التركية:
بتاريخ 14 آب/أغسطس 2022، قُتل “سليمان السّياد” (28 عاماً) وأصيب شاب آخر كان برفقته، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليهما من قبل قوات حرس الحدود التركية (الجندرما)، أثناء محاولتهما العبور إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، بالقرب من قرية “العدوانية” في ريف رأس العين/سري كانيه الغربي.
ينحدر “السّياد” من مدينة رأس العين/سري كانيه، وهو متزوج ولديه ثلاثة أولاد، وكان قد قرر قبيل مقتله، الهجرة إلى القارة الأوروبية عبر تركيا، ذلك نتيجة انعدام الاستقرار وتردي الأوضاع المعيشية في منطقة “نبع السلام”.
وقال أحد أفراد عائلة “السّياد” لـ “تآزر”، إنَّ الضحية كان من ضمن مجموعة تتألف من 15 شخصاً حاولوا العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية، إلا أنه كان أقلهم حظاً. وتابع حديثه قائلاً:[8]
“تعرض سليمان ومن معه لإطلاق النار بشكل مباشر من قبل الجندرما، أثناء محاولتهم اجتياز الجدار الحدودي، وفيما نجح بعضهم في العبور، وتراجع البعض الآخر، أصيب ابننا بثلاث طلقات في صدره، كذلك أصيب شاب آخر كان برفقته بجروح بليغة”.
نُقل “سليمان” والجريح الآخر إلى مشفى رأس العين العام، لكنه كان قد فارق الحياة عند وصوله المشفى، وأضاف الشاهد/المصدر قائلاً:
“قام أحد الأشخاص الذين كانوا برفقة سليمان بسحبه وإبعاده عن الجدار الحدودي، ثم اتصل مع أقرباء لنا في قرية القليعة القريبة من قرية العدوانية/نقطة عبور الحدود، وأبلغهم بإصابته، فقاموا بالقدوم على الفور وإسعافه مع الشاب الآخر إلى مشفى رأس العين العام، لكن ابننا كان قد فارق الحياة قبل وصوله إلى المشفى”.
ووفقاً للشاهد، دُفن “السّياد” في قرية “القليعة” غربي رأس العين/سري كانيه من قبل أقربائه.
كما قُتل “ياسر عكلة الدرويش” (22 عام) وأصيب شابان آخران من أقربائه، ممن كانوا برفقته، بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2022، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليهم من قبل قوات حرس الحدود التركية “الجندرما”، أثناء محاولتهم العبور إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية، بالقرب من قرية “العزيزية” في ريف رأس العين/سري كانيه الغربي.
ينحدر “الدرويش” من قرية “الزينات” التابعة لمدينة الشدادي جنوب الحسكة، وهو متزوج ولديه طفل، وكان قد قرر قبيل مقتله، الهجرة إلى القارة الأوروبية عبر تركيا رفقة أقرباء له، نتيجة تردي الأوضاع المعيشية في منطقته.
وروى شقيق الضحية “أحمد الدرويش” لـ “تآزر”، تفاصيل مقتله قائلاً:
“حاول أخي ياسر رفقة ثلاثة أشخاص آخرين من أقربائنا، اجتياز الجدار الحدودي لدخول تركيا بطريقة غير شرعية، لكنهم تعرضوا لإطلاق نار مُباشر من قبل قوات الجندرما، حيث أصيب أخي برصاصة في رأسه، وأصيب آخران من أقربائي بجروح، أحدهم في رأسه والآخر في كتفه”.
نُقل ياسر والمصابان الآخران إلى مشفى رأس العين العام، وتحدث أخاه حول ذلك قائلاً:
“قام أبن عمي الذي نجى، بإسعاف المصابين إلى مشفى رأس العين، الذي كان يفتقد لأبسط خدمات الإسعاف الأولي اللازمة، وهناك قامت الشرطة المدنية بإيقاف المصابين وإخبارهم أنَّ إصابتهم خطرة ويجب نقلهم إلى مشفى ولاية شانلي أورفا في تركيا”.
وتابع الشاهد حديثه قائلاً:
“رفض المصابان الآخران إسعافهم إلى تركيا، خوفاً من الاعتقال هناك، فيما أسعف أخي ياسر من قبل الشرطة المدنية، نتيجة تدهور حالته الصحية في مشفى رأس العين، لكنه كان لا يزال على قيد الحياة ويتحدث إلى من حوله“.
توفي الضحية عقب ساعات من إسعافه إلى مشفى ولاية “شانلي أورفا” التركية، ما أثار استغراب عائلته، بحسب أخاه، الذي قال لـ “تآزر”:
“طلبنا من أحد أقربائنا في تركيا متابعة وضع أخي والاطمئنان على صحته هُناك، لكن بعد ساعة من وصول أخي إلى مشفى أورفا، أبلغنا قريبنا بوفاة أخي في المشفى، فوجئنا بخبر وفاته متسائلين كيف حدث ذلك؟”.
وبحسب الشاهد، فأن شكوك العائلة ازدادت نتيجة رفض إدارة مشفى رأس العين تسليمهم التقارير الطبية التي ارفقت مع الجثة العائدة من تركيا.
اعتقال طالبي لجوء وابتزاز عائلاتهم:
وثقت “تآزر” اعتقال 113 شخصاً، بينهم 7 نساء و3 أطفال، خلال عام 2022، من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في منطقة “نبع السلام”، بسبب التوجه إلى الحدود التركية أو محاولة قطعها طلباً للجوء.
تعرّض المحتجزون/ات لسوء المعاملة والتعذيب في سجون “الجيش الوطني السوري”، كما تعرضت عائلات معظمهم/ن للابتزاز، وقد تمَّ إطلاق سراح 86 شخصاً منهم، بعد أن دفعت عائلات أكثر من 70 منهم على الأقل فدى مالية، فيما بقي مصير 27 محتجزاً مجهولاً.
كانت دوافع اعتقال غالبية المحتجزين/ات في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض هي الرغبة في ابتزاز عائلاتهم/ن وطلب فدى مالية مقابل الإفراج عنهم.
في جميع الحالات التي تحققت منها “تآزر”، لم يحترم “الجيش الوطني السوري” حقوق المحتجزين، فقد اعتقلت فصائله المختلفة الأفراد واحتجزتهم تعسفاً، فضلاً عن ممارسة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على أقرباء المحتجزين، بوسائل منها ابتزازهم مادياً، أو تعمد إخفاء مصير هؤلاء الأشخاص وأماكن وجودهم، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.[9]
وقال شاهد تعرض أربعة أفراد من عائلته للاعتقال في رأس العين/سري كانيه لـ “تآزر” إن قوات “الشرطة العسكرية” طلبت منهم دفع فدية مالية مقابل الإفراج عن أبنائهم المحتجزين، وتابع حديثه قائلاً:[10]
“اعتقلت الشرطة العسكرية أربعة أشخاص من عائلتنا، في ريف رأس العين/سري كانيه الغربي، أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية، مع نهاية تموز/يوليو 2022، وبقوا محتجزين حتى يوم 5 آب/أغسطس 2022، حيث تمَّ الإفراج عن ثلاثة منهم بعد دفعنا مبلغ 2500 دولار أمريكي لتلك القوات لقاء ذلك، فيما بقي الأخير محتجزاً فترة أطول، قبل أن يتم الإفراج عنه في وقت لاحق من ذاك الشهر”.
وأضاف الشاهد أنه المحتجزين المُفرج عنهم كانوا قد تعرضوا لتعذيب جسدي ونفسي شديديّن، في حين لا يملكون معلومات حول تفاصيل تقديمهم للقضاء وآلية الإفراج عنهم من الناحية القانونية.
فيما قال شاهدٌ آخر تحدثت إليه “تآزر” أن أخاه وثلاثة محتجزين آخرين تمَّ عرضهم على محكمة عسكرية قُبيل الإفراج عنهم، وشرحَ قصة اعتقال أخاه قائلاً:[11]
“تعرض أخي للاعتقال برفقة ثلاثة شبان آخرين، بتاريخ 5 تموز/يوليو 2022، على الطريق الدولي السريع M4، أثناء توجههم إلى رأس العين/سري كانيه، قادمين من مناطق الإدارة الذاتية، إذ اعتقلتهم قوات الشرطة العسكرية، وقامت بالتحقيق معهم، واحتجازهم لمدة 25 يوماً في سجن ببلدة مبروكة، في ظل ظروف احتجاز سيئة، رافقها توجيه شتائم متكررة لهم وإخضاعهم لضغط نفسي وقلة في الطعام، قبل أن يتم عرضهم على المحكمة العسكرية في رأس العين، مطلع آب/أغسطس 2022، والإفراج عنهم”.
التقت “تآزر” بشاهد آخر كان قد اعتقل بتاريخ 5 تشرين الأوَّل/أكتوبر 2022، في قرية “العزيزية” بريف رأس العين/سري كانيه الغربيّ، من قبل حرس الحدود التركي “الجندرما”، أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، والذي تحدث حول تفاصيل اعتقاله قائلاً:[12]
“تعرضت للاعتقال من قبل قوات الجندرما التركية، وخضعت للتحقيق لمدة 24 ساعة، ومن ثم سلمتني الجندرما إلى عناصر تابعة للشرطة المدنية وفرقة السلطان مراد في رأس العين/سري كانيه، وتمَّ نقلي إلى مقر عسكري قريب من المشفى العام في المدينة، حيث بقيت هُناك ثلاث أيام”.
لم يجرؤ الشاهد على الاعتراف بأصوله الكرديَّة أثناء الاعتقال والتحقيق، ذلك خشيةَ تصفيته، حيث سبق أن وثقت “تآزر” ومنظمات محلية ودولية، ارتكاب فصائل “الجيش الوطني السوري” انتهاكات لحقوق الإنسان والتمييز على أسس عرقية، ولا سيما ضد الكُرد، وأستذكر ذلك الموقف خلال حديثه قائلاً:
“أثناء التحقيق، لم أفصح عن أنني كُردي، خوفاً من تصفيتي وقتلي، إذ قام أحد العناصر بفحص أكتافي للتحقق مما إذا كانت تحمل آثار حمل السلاح، بعد أن وجهوا لي تهمة القتال مع قوات سوريا الديمقراطية ضد فصائل الجيش الوطني السوري”.
أُفرج عن الشَّاهد بعد أن قضى ثلاثة أيام في المحتجز في ظروف صعبة أجبرته على دفع فدية مالية، حيث ختم حديثه قائلاً:
“بعد ثلاثة أيام من الاحتجاز، تمَّ الإفراج عني بعد أن دفعت مبلغ 500 ليرة تركية كفدية مالية مقابل إطلاق سراحي”.
اقتاد عناصر “الجيش الوطني السوري” المعتقل باتجاه أحد السواتر الترابية الفاصلة بينها وقوات سوريا الديمقراطية غربي مدينة رأس العين/سري كانيه، بالقرب من الطريق الدولي السريع M4، وهناك أطلق سراحه بعد سرقة هاتفه المحمول، ومبلغ 400 دولار أمريكي كان بحوزته.
وفي 5 أيلول/سبتمبر 2022، تعرضت فتاة مع أخيها و6 أشخاص آخرين كانوا برفقتهم للاعتقال من قبل حرس الحدود التركي “الجندرما” أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، بالقرب من قرية “العزيزية” في ريف رأس العين/سري كانيه الغربي، ليتم نقلهم فيما بعد إلى مخيم “حران” في ولاية “شانلي أورفا” التركية تمهيداً لترحيلهم إلى سوريا.
وتحدثت الفتاة البالغة من العمر (20 عاماً) لـ “تآزر” حول تفاصيل اعتقالهم من قبل “الجندرما” التركية وتسليمهم لاحقاً إلى فصائل “الجيش الوطني السوري” شمال سوريا.[13]
“عقب اعتقالنا بعدة أيام، سلمتنا قوات “الجندرما” التركية إلى فصائل الجيش الوطني السوري في مدينة إعزاز شمالي حلب، وهناك خضعنا للتحقيق، وتعرض الشبان الذين كانوا معنا لضربٍ مُبرح، كما تمّ شتمنا نحن النساء، وبقينا على هذه الحال مدة عشرة أيام، إلى أن تمَّ إطلاق سراحي وأخي وبعض الأشخاص، بعد أن تمَّ إجبارنا على دفع فدى مالية مقابل إطلاق سراحنا”.
وبحسب الشاهدة، فقد دفعت فدية مالية بلغت 330 ألف ليرة سورية (ما يعادل 65 دولار أمريكي حينها) للفصيل الذي اعتقلها وأخيها ضمن “الجيش الوطني السوري” المُعارض، مقابل الإفراج عنهما.
——————————-
[1] أفضت عملية “نبع السلام” التي أطلقتها القوات التركية بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وانتهت بتاريخ 22 من الشهر ذاته، إلى سيطرة تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها “أنقرة” على شريط حدودي بطول 120 كم بين مدينتي رأس العين/سري كانيه شمال غرب الحسكة، وتل أبيض شمال الرقة، وبعمق 32 كم، وأدت إلى نزوح أكثر من 175 ألف شخص من المنطقة، بحسب لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا.
[2] بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن إدارة المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، وتحديداً معابر “باب الهوى” ومعبر “باب السلامة” ومعبر “تل أبيض”، بلغ عدد المرحلّين قسراً إلى سوريا حوالي 11 ألف شخص، منذ بداية العام 2022. علماً أن هذا الرقم لا يشمل أعداد المرحلين الذين يتم القبض عليهم في أثناء محاولتهم اجتياز الحدود نحو تركيا بطريقة غير شرعية.
[3] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مصادر القانون الدولي الإنساني.
[4] الأمم المتحدة، أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان.
[5] رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، باولو بينهيرو، في كلمة ألقاها أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021: “هذا ليس الوقت المناسب ليظنن أحد أن سوريا آمنة وأنه يمكن للاجئين العودة إلى ديارهم، لا بل نشهد تصاعدًا في القتال والعنف“.
[6] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 6، موقع الأمم المتحدة-حقوق الإنسان-مكتب المفوض السامي.
[7] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.
[8] تمَّ إجراء المقابلة عبر الانترنت، بتاريخ 15 آب/أغسطس 2022، ولم يتم نشر بيانات الشاهد بناءً على رغبته.
[9] قاعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر 98، كما وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاختفاء القسري بأنه جريمة حرب مركبة، انظر/ي القاعدة 156.
[10] تمَّ إجراء المقابلة عبر الأنترنت، بتاريخ 6 آب/أغسطس 2022، وتحفظ الشاهد على نشر اسمه حفاظاً على سلامة أفراد عائلته.
[11] تمَّ إجراء المقابلة عبر الأنترنت، بتاريخ 5 آب/أغسطس 2022، وقد تمَّ التحفظ على اسم الشاهد بناءً على رغبته.
[12] تمَّ إجراء المقابلة عبر الانترنت، بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وقد تمَّ التحفظ على نشر بيانات الشاهد بناءً على رغبته.
[13] تمَّ إجراء المقابلة بشكل مباشر، بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2022، وقد تمَّ التحفظ على نشر بيانات الشاهدة بناءً على رغبتها.