الرئيسية تقارير مواضيعية المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا: مهامها، واختصاصاتها، ودور أسر الضحايا في توجيه عملها

المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا: مهامها، واختصاصاتها، ودور أسر الضحايا في توجيه عملها

تسرد ورقة الحقائق هذه سياق قضية المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً في سوريا، وتُقدم معلومات مُبسّطة حول المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، مهامها واختصاصاتها، وأهمية المشاركة الفاعلة للضحايا والناجين/ات والأسر في صنع القرارات وتوجيه عمل المؤسسة، وإدارة توقعات الأسر، وتضخيم أصواتها التي ستزيد من فرص تحقيق التقدم المطلوب في هذه القضية

بواسطة editor
964 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة:

اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 29 حزيران/يونيو 2023، القرار رقم A/77/L.79 القاضي بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا [“المؤسسة المستقلة”]. وتهدف هذه المؤسسة الجديدة إلى: (1) توضيح مصير الأشخاص المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم، و(2) تقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين.

يأتي إنشاء هذه المؤسسة المستقلة استجابةً للجهود التي بذلها السوريون/ات من الضحايا والناجين/ات من الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وعائلات الأشخاص المفقودين/ات، حسبما جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويدعو القرار إلى أن تشمل المؤسسة المستقلة على عنصر هيكلي يضمن المشاركة والتمثيل الفاعليّن للضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين/ات في عمل المؤسسة. كذلك يدعو القرار إلى العمل مع المنظمات النسائية وغيرها من منظمات المجتمع المدني على نحو مُنظَّم ومُستدام (المادة 3).

وسوف تنتهج المؤسسة المستقلة نهجاً يُركز على الضحايا والناجين/ات ويشمل الأُسر ويسترشد بالمبادئ الأساسية الواردة في المادة 4 من القرار، بما في ذلك “شمول الجنسين” و”عدم التمييز” و”عدم التسبب بضرر”، وسوف يستفيد من القدرات القائمة وأفضل الممارسات المستنيرة بمساهمات الناجين/ات (المادة 6).

إنّ معالجة قضية المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمخفيين/ات قسرياً، في النزاعات طويلة الأمد، مثل النزاع السوري المستمر منذ عام 2011، قد تتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، لا سيما في ظل تورط جميع أطراف النزاع في ارتكاب الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وعدم تعاون هذه الجهات مع الأسر والمؤسسات والهيئات التي تعمل من أجل كشف مصير المفقودين/ات. لذا لا يتوقع من المؤسسة المستقلة أن تُحقق نتائج ملموسة سريعاً، إلا أنها تبقي الباب مفتوحاً للأمل بعودة المفقودين/ات وكشف مصيرهم/ن، وتعكس ضرورة استمرار عائلات المفقودين/ات في قيادة الجهود الهادفة لكشف مصير أحبائهم/ن، ومشاركتها الفاعلة في صنع القرارات وتوجيه اتجاهات عمل المؤسسة الجديدة.

نظراً للأسئلة الكثيرة المتكررة حول المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، تسرد ورقة الحقائق هذه سياق قضية المفقودين/ات والمخفيين/ات قسرياً في البلاد، وتقدم معلومات حول المؤسسة الجديدة، مهامها واختصاصاتها، وأهمية المشاركة الفاعلة للضحايا والناجين/ات والأسر في صنع القرارات وتوجيه عمل المؤسسة، ذلك بهدف تزويد أسر الضحايا بالمعرفة الكافية حول المؤسسة المستقلة، وإدارة توقعاتها، وتضخيم أصواتها التي ستزيد من فرص تحقيق التقدم المطلوب في هذه القضية.

وتستند هذه الورقة إلى تجربة وجهود “تآزر” في تعزيز عملية البحث عن المفقودين/ات والمخفيين/ات قسرياً في سوريا، وفسح المجال لتمكين الضحايا والناجين/ات وعائلاتهم/ن من تمثيل أنفسهم والانخراط في آليات الحقيقة والعدالة بصورة ناجحة.

 

الحق في الحقيقة:

أثر النزاع السوري المستمر منذ عام 2011 على جميع مفاصل الحياة في البلاد، حيث تعددت أطراف النزاع وانقسمت الجغرافية السورية إلى مناطق نفوذ/سيطرة مختلفة فيما بينها، وتدخلت أطراف إقليمية ودولية في الصراع السوري لتزيد المشهد تعقيداً.

وكان من تداعيات استمرار النزاع في سوريا، تدمير البنية التحتية وتدهور الخدمات الاجتماعية، مما أدى إلى احتياجات إنسانية هائلة، وكان سبباً في دفع ملايين السوريين للهجرة، سواءً للقارة الأوروبية، أو للدول المجاورة. ناهيك عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي تعرض ويتعرض لها السوريين في مختلف مناطق السيطرة، حيث قُتل أكثر من 350 ألف سوري/ة كنتيجة مباشرة لعقد من النزاع، بحسب الأمم المتحدة، كما إن عشرات الآلاف من المدنيين الذين اعتُقلوا تعسفياً، لا يزالون مختفين قسرياً، بينما تعرض آلاف آخرون لسوء المعاملة والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، أو الموت رهن الاحتجاز.

يُعتبر الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري من الملامح المُحدِّدة لجوهر النزاع في سوريا؛ ويمثلان أحد الأسباب الرئيسية للجوء والتهجير القسريّان، كما أنهما عقبة أمام العودة الآمنة والكريمة والطوعية للسوريين/ات إلى وطنهم/ن. وفي جميع النزاعات، يشكل الاختفاء القسري أحد أهم العقبات التي تحول دون إحلال السلام ومن ثم أحد أكبر التحديات التي تعترض سبيل العدالة الانتقالية الحقيقية في المراحل اللاحقة.

إنَّ قضية المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً ليست بجديدة أصلاً في سوريا. فمنذ أواخر السبعينيات، اعتمدت السلطات السورية سياسة الإخفاء القسري ضد كل من اتبع نهج المعارضة السياسية والرأي النقدي والنشاط الحقوقي.

تصاعد استخدام الإخفاء قسراً بشكل كبير منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011. واليوم، لا يمكن تحديد العدد الدقيق للمفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً في سوريا، نظراً إلى أن الغالبية العظمى من السجون ومراكز الاحتجاز لا تزال محظورة على المراقبين، لكن منظمات سوريّة تشير إلى أنّ عددهم/ن يبلغ عشرات الآلاف.

أدان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139، الذي تمّ تبنيه في فبراير/شباط 2014، عمليات الاختطاف والإخفاء القسري في سوريا، وطالب بوقف فوري لهذه الممارسات والإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفاً. مع ذلك، لم تُتخذ خطوات ملموسة لتنفيذ هذا الجانب من القرار، وفشلت جولات متعددة من المفاوضات السياسية في تحقيق أي تقدم.

بعد عام 2016، بدأتْ تتشكل روابط الضحايا والناجين/ات وأُسرهم/ن وشرعتْ تأخذ على عاتقها مسؤولية المطالبة بأحبائهم/ن المفقودين/ات. أطلقتْ 10 روابط منها، في وقت لاحق، ميثاق الحقيقة والعدالة الذي أوضح رؤية الضحايا لعدالة قريبة المدى مرتبطة بإجراءات عاجلة مُنقذة للحياة، مثل إطلاق سراح المعتقلين/ات وتحديد مصير المختفين/ات قسرياً، وعدالة بعيدة المدى مثل جبر الضرر ومحاسبة الجناة. تجسيداً لهذه الرؤية، تمّ إطلاق دراسة حول ضرورة إنشاء آلية مخصصة لكشف مصير المفقودين/ات في سوريا بعنوان “إنهم بشر، ليسوا أرقام“.

وبتاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 228/76  الذي طلب من أمين عام الأمم المتحدة إجراء دراسة بالتشاور مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول كيفية تعزيز الجهود، بما في ذلك من خلال التدابير والآليات القائمة، لتوضيح مصير ومكان وجود المفقودين/ات في سوريا، والتعرف على الرفات البشرية وتقديم الدعم لأسرهم/ن.

بعد أشهر، جاءت الدراسة المنشودة لتلبّي تطلعات العائلات، حيث أوصت بإنشاء مؤسسة معنية بالكشف عن مصير المفقودين وبدعم الضحايا. وقد التزمت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 230/77 الصادر بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2022، باتخاذ المزيد من الإجراءات لمعالجة مسألة المفقودين، مع ضمان إشراك الناجين وعائلاتهم في جميع مراحل العملية.

بتاريخ 29 حزيران/يونيو 2023، تبنت الجمعية العامة للأمم القرار رقم A/77/L.79 القاضي بإنشاء مؤسسة دولية مستقلة تعمل على كشف مصير المفقودين/ات في سوريا، وتقديم الدعم لأسرهم/ن. بواقع 83 دولة صوتت لصالح قرار المشروع وامتناع 62 دولة ومعارضة 11 دولة فقط.

جاء قرار إنشاء المؤسسة المستقلة ثمرة نضال دام سنوات قادته أسر وروابط وجمعيات الضحايا السوريّة، وشركاء المجتمع المدني، ومن المتوقع أنّ تبدأ المؤسسة المستقلة، ومقرّها جنيف، عملها بشكل فعلي في نيسان/أبريل 2024.

ستكون هذه المؤسسة المستقلة والمرتكزة على المفقودين/ات والضحايا وأسرهم/ن مركزاً لجمع وتنظيم البيانات المتوفرة ذات الصلة بالمفقودين/ات وتوحيد معاييرها بالتنسيق مع الآليات الأخرى القائمة، ذلك بهدف تحديد مصير وأماكن وجود الأحياء من المفقودين/ات، وتحديد أماكن دفن رفات المتوفين/ات منهم/ن، وتحديد هويات أصحابها وإعادتها إلى الأُسر؛ كما أنها ستوفر دعماً للضحايا والناجين/ات وأسرهم/ن.

 

مهام واختصاصات المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا:

بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2023 أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقريره الذي يتضمن اختصاصات المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، ولايتها ونطاقها، وإطارها القانوني، وأساليب عملها، وهيكلها، وتكوينها، وتعاونها مع الجهات الفاعلة المعنية الأخرى.

ومن النقاط المهمة الواردة ضمن تقرير الأمين العام حول اختصاصات المؤسسة المستقلة:

  • ستعمل المؤسسة على توضيح/كشف مصير جميع المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين. أي في المقام الأول ستعمل على تحديد ما إذا كانوا أحياء أو أموات، وأماكن وجودهم، والظروف التي فُقدوا فيها، ثم السعي إلى لمّ شمل الشخص المفقود بالأسرة -إذا كان الشخص على قيد الحياة-، أو السعي إلى إطلاق سراح الشخص إذا تبين أنه محتجز/معتقل تعسفاً، أو تيسير إعادة الرفات إلى الأسرة إذا تبين أن الشخص قد توفي أو لقي حتفه.
  • تطبق المؤسسة المستقلة نهجاً يُركز على الضحايا والناجين/ات، وتكون شاملة لأسر المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً، وتسترشد بالمبادئ الأساسية المتعلقة بعدم التمييز، وعدم الإضرار، والاستقلال، والحياد، والشفافية، وسرية المصادر والمعلومات. وهي تطبق أيضاً المعايير التشغيلية المتعلقة بافتراض البقاء على قيد الحياة.
  • نظراً لعدم وجود تعريف محدد في القانون الدولي لتعبير “المفقودين”، تعتمد المؤسسة المستقلة على التعاريف المستخدمة من قبل الجهات الفاعلة المتخصصة، بحيث تشمل أي شخص لا يُعرف مصيره و/أو مكان وجوده بوضوح، بغض النظر عن علل وأسباب اختفائه، سواءً أكانت تتعلق بأفعال أرتكبها أشخاص آخرون أم لا، وسواءً أكانت هناك صلة بالنزاع المسلح أم لا. ويشمل التعبير أيضاً الأشخاص الذين أُبلغ من قبل عن فقدانهم إلى مؤسسة أخرى، وطنية أو دولية، والأشخاص الذين لم يتضح مصيرهم و/أو مكان وجودهم إلا جزئياً.
  • كما يشمل تعبير “المفقودين” الأفراد الذين فقدوا نتيجة لعمليات الاختطاف أو الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، ويشمل أيضاً الأشخاص الذين فُقدوا أو يفقدون في سياقات أخرى، مثل النزوح أو نتيجة للعمليات العسكرية.
  • ويتوقف اعتبار الأشخاص مفقودين بعد أن تتلقى أسرهم و/أو أي فرد آخر معنيّ بصورة مشروعة معلومات موثوقة توضح مصيرهم ومكان وجودهم، ولكن، حتى عندما يوضح مصيرهم وأماكن وجودهم، قد تشمل ولاية المؤسسة المستقلة مهام إضافية ذات صلة بإداء ولايتها بالكامل، مثل السعي إلى إطلاق سراح المحتجزين أو تسهيل إعادة الرفات البشرية إلى الأسر.
  • ويشمل النطاق الجغرافي والزمني لولاية المؤسسة جميع المفقودين في سوريا و/أو ذات صلة بها، بغض النظر عن جنسيتهم، وسواء فُقدوا قبل أو بعد إنشاء المؤسسة، ويشمل ذلك الأشخاص الذين يُعتقد حالياً أنهم مفقودون في سوريا، بغض النظر عن المكان الذي فُقدوا فيه في البداية، وكذلك الأشخاص الذين فُقدوا في البداية في سوريا، بغض النظر عن المكان الذي يُعتقد أنهم مفقودون فيه حالياً. يجوز أن تعطي المؤسسة الأولوية لأولئك الذين فُقدوا بعد عام 2011، ولكن، مع مراعاة مبدأ افتراض البقاء على قيد الحياة، لن تستبعد حالات المفقودين السابقة لهذا التاريخ.
  • تأخذ المؤسسة في الاعتبار المعايير الدولية القائمة ذات الصلة بحالة المفقودين، وتشمل هذه المعايير، على وجه الخصوص، التزام جميع أطراف النزاع بالكشف عن المفقودين، وعند الضرورة، استعادة جثثهم، وكذلك حق الأسر في معرفة مصير أقاربها المفقودين وأماكن وجودهم، بما في ذلك الحق في تلقي معلومات عن الظروف التي فُقد في ظلها الشخص، أو إذا كان الشخص قد لقي حتفه، ظروف الوفاة ومكان الدفن، إذا كانا معروفين، والحق في استلام رفات/جثة الشخص.
  • فيما يتعلق بدعم الضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين، ستعمل المؤسسة على تقديم دعم كافي لأسر المفقودين يتلاءم مع احتياجاتها وحقوقها، سواءً بشكل فردي أو جماعي، وسواءً بشكل مباشر أو من خلال الإحالة إلى الجهات الفاعلة المعنية، مع مراعاة أن الاحتياجات قد تتغير مع مرور الوقت. لم تحدد المؤسسة شكل ونوع الدعم الذي قد تقدمه أو تيّسر تقديمه من قبل جهات أخرى، لكنها ستقوم بتحديد احتياجات الأسر، بالتشاور الوثيق معها، ولا سيما مع الأسر التي اتصلت بالمؤسسة المستقلة أو سجلت حالة لديها، وكذلك مع أصحاب المصلحة المعنيين الآخرين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية.
  • تضع المؤسسة المستقلة مجموعة من السياسات والإجراءات لتحديد طرق تواصل الضحايا والناجين/ات والأسر معها، ومشاركتهم/ن فيها، وإعلامهم/ن حول عملها، وأنشطتها، والتقدم المحرز في الوفاء بولايتها.
  • تتخذ المؤسسة المستقلة التدابير المناسبة لضمان احترام السرية، والخصوصية، والمصالح والظروف الشخصية للضحايا والناجين/ات والأسر.
  • على الرغم من إنشاء المؤسسة المستقلة، لا تزال المسؤولية الرئيسية بموجب القانون الدولي عن احترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها، بما في ذلك حق الضحايا في معرفة الحقيقة، تقع على عاتق الحكومة السوريّة، كما يجب على الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة والتي تسيطر سيطرة فعلية على إقليم ما (مثل الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام) أن تراعي المعايير الدولية لحقوق الإنسان، لأنها في وضع يمكّنها من التأثير على حقوق الأفراد الخاضعين لسيطرتها. يجب على أطراف النزاع الامتثال لالتزاماتها فيما يتعلق بالبحث عن المفقودين وحق الأسر في معرفة مصير أقاربها وأماكن وجودهم. كما قد تقع على عاتق دول أخرى أيضاً التزامات تجاه قضية المفقودين/ات.
  • يرأس المؤسسة المستقلة مسؤول برتبة أمين عام مساعد، يجب أن يتسم بالأخلاق الرفيعة والنزاهة، مع امتلاك أعلى مستوى من الكفاءة المهنية والخبرة الواسعة في التعامل مع شؤون المفقودين؛ والعمل مع الضحايا والناجين/ات والأسر في حالات النزاع وما بعد النزاع، وفي إجراء مفاوضات معقدة وحساسة. وتماشياً مع الأنظمة والقواعد والسياسات المعمول بها في الأمم المتحدة، يُظهر الرئيس التزامه باتباع نهج يُركز على الضحايا والناجين/ات، والمساواة بين الجنسين في هيكل المؤسسة وعملها. سيتم تعيين رئيس المؤسسة المستقلة ونائبه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بعد التشاور مع مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
  • يشمل هيكل المؤسسة موظفاً بمنصب “محامي الضحايا” لمساعدة الضحايا والناجين/ات والأسر وإسداء المشورة لهم/ن وتيسير أمورهم/ن، حسب الاقتضاء، في سياق تواصلهم مع المؤسسة المستقلة.
  • تتضمن حوكمة المؤسسة المستقلة مجلساً استشارياً، يتألف من خبراء مستقلين سوريين ودوليين، يعينون بصفتهم الشخصية، بمن فيهم ممثلون عن الضحايا والناجين/ات والأسر، وهم يجتمعون بانتظام لتقديم آراء ومشورة تتسم بالسرية إلى رئيس المؤسسة المستقلة بشأن برامجها وعملياتها.
  • فيما يخص الإبلاغ، سيقدم الأمين العام، بالتشاور مع رئيس المؤسسة المستقلة، تقريراً سنوياً عن أنشطة المؤسسة المستقلة، على النحو المطلوب في القرار 77/301. وينبغي لرئيس المؤسسة المستقلة أنّ يكفل بأن تتضمن استراتيجيتها اتصالات منتظمة بشأن آخر المستجدات المتعلقة بأنشطة المؤسسة المستقلة، ولا سيما لصالح الأسر.
  • أهابت الجمعية العامة بقرارها 77/301 بجميع الدول وكذلك جميع أطراف النزاع في سوريا إلى التعاون الكامل مع المؤسسة المستقلة، طبقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. كما أهابت بالجهات الفاعلة المعنية الأخرى، بما في ذلك المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، إلى التعاون مع المؤسسة المستقلة. وطلبت من منظومة الأمم المتحدة ككل أن تتعاون تعاوناً تاماً مع المؤسسة المستقلة وأن تستجيب على وجه السرعة لأي طلبات، بما في ذلك الحصول على أي معلومات أو بيانات أو وثائق قد تكون في حوزتها، وأي شكل آخر من أشكال المساعدة التي قد تحتاجها المؤسسة المستقلة.

كما سرد تقرير الأمين العام المهام المتوقعة للمؤسسة المستقلة في الفترة بين 1 نيسان/أبريل و31 كانون الأول/ديسمبر 2024، وهي:

  • ضمان إجراء تقييم شامل للمخاطر الأمنية ووضع تدابير مناسبة لإدارة المخاطر الأمنية؛
  • النظر في الإجراءات وأساليب العمل الداخلية واعتمادها؛
  • النظر في اتفاقات التعاون مع الجهات الفاعلة المعنية وإبرامها؛
  • تحديد احتياجات الأسر، وكذلك الجهات الفاعلة القائمة التي لديها معلومات هامة بشأن المفقودين في سوريا أو التي تنفذ أنشطة ذات صلة بولاية المؤسسة المستقلة؛
  • تصميم نظام يضمن المشاركة الكاملة والمجدية للضحايا والناجين/ات والأسر في عمل المؤسسة المستقلة، وكذلك التواصل المنتظم مع المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى؛
  • تصميم نظام مناسب لإدارة المعلومات يتماشى مع ولايتها واختصاصاتها، ولا سيما لتوحيد المعلومات والبيانات المتاحة؛
  • تصميم خطة بحث أولية بالتنسيق مع الجهات الفاعلة المعنية، ولا سيما الأسر؛
  • استقدام أعضاء أمانتها؛
  • وضع وتنفيذ سياسة أولية للتوعية، ووضع إجراءات عمل لتسجيل المطالبات، وتنظيم ملفات الحالات، والمعلومات والبيانات على النحو المطلوب؛
  • مواصلة الاتصال بالجهات الفاعلة المعنية، بما في ذلك الأمم المتحدة وغيرها من الكيانات والهيئات، ومع الدول الأعضاء ومع الأسر ومنظمات المجتمع المدني.

 

أهمية المشاركة الفاعلة للضحايا والناجين/ات وعائلاتهم/ن:

إنّ الضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمخفيين/ات قسرياً هم/ن عوامل محركة فاعلة في هذه القضية، لذا يعد إنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا فرصة سانحة لتعزيز مشاركة الضحايا في تنفيذ مبادرات العدالة في سياق من النزاع المستمر والتهجير الجماعي، إضافةً إلى كونها فرصة سانحة للإدماج الكامل لخبرات الضحايا وعائلات المفقودين/ات ومعارفهم في عمل مؤسسة جديدة من نوعها، نظراً إلى أن استحداث هذه المؤسسة كان ثمرة انبثقت عن الجهود التي بذلتها روابط الضحايا وعائلات المفقودين/ات للنهوض بعملية البحث عن المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمخفيين/ات قسراً لدى جميع أطراف النزاع في سوريا.

ووفقاً لاختصاصات المؤسسة الجديدة، فأنها ستطبق نهجاً يُركز على الضحايا والناجين/ات، وتكون شاملة لأسر المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً، لذا يجب أنّ تكون مشاركة الضحايا والأسر فاعلة ومتأصلة في جميع مراحل عمل المؤسسة، وهذا يشمل  انخراطهم في العمليات والآليات الرسمية (مثل السماح للضحايا بتقديم النصح والمشورة للمؤسسة المستقلة في ما يتعلق بالسياسات والمنهجية، وتوفير البيانات والأدلة والتحليل، والمشاركة في جهود البحث، وإفادة عملية صنع القرار بالمعلومات) مقترناً بانخراطهم في المجالات غير الرسمية (مثل المناصرة، وحشد الجهود، والتنظيم، والتوعية، وتقديم الخدمات للضحايا؛ من قبيل خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي، وبناء القدرات، والحماية).

إنّ تعقيد النزاع المستمر في سوريا منذ عام 2011، وتفاقم أزمة المفقودين/ات، يُفضي إلى أنّ التعاون والتنسيق بين المنظمات السوريّة، ومع المؤسسات والهيئات الدولية التي تتعامل مع ملف المفقودين/ات، ليس كافياً، لا سيما في جمع وتبادل المعلومات والبيانات حول المفقودين/ات نتيجة النزاع في سوريا، لذا يجب أن تتم هذه العمليات بمشاركة فاعلة من أسر المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمختفين/ات قسرياً، لمواصلة وتعزيز جهودهم/ن للدعوة إلى معالجة قضية المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً في سوريا.

وانطلاقاً من الدور الفاعل والواسع الذي لعبته عائلات وروابط وجمعيات الضحايا والناجين/ات السوريّة في السنوات الأخيرة، بشأن قضية المعتقلين/ات والمختفين/ات قسرياً والمفقودين/ات في البلاد، لابد من استثمار الزخم الدولي الحالي والإرادة السياسية لدعم جهود الأسر السورية ومبادرات الضحايا في تحديد مصير ومكان وجود المفقودين/ات السوريين/ات، والدعوة بشكل فعال إلى حقوق ومصالح الضحايا وأسرهم/ن مع الآليات والهيئات المحلية والدولية ذات الصلة.

عقب تأسيس المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، من الضروري تكثيف جهود المناصرة لضمان سيّر عملية شاملة تُركز على الضحايا والناجين/ات، ومن أجل اتباع نهج شامل للتعامل مع الضرر الذي تكبدته الأسر ودعم حقوق الضحايا والناجين/ات في العدالة والإنصاف والتعويض، يجب اكمال عمل المؤسسة بمبادرات يقودها الضحايا سعياً لكشف مصير أحبائهم/ن المفقودين/ات، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا والناجين/ات وأسرهم/ن، وتقديم المشورة القانونية والمساعدة في حمايتهم/ان من الصدمات الثانوية والابتزاز والمزيد من التهميش.

يتوجب أن يكون للضحايا والناجين/ات والأسر، سواءً بشكل فردي، أو ضمن مجموعاتهم/ن وروابطهم/ن دور أساسي ملحوظ في كل مجالات عمل المؤسسة المستقلة، وبخاصةً من النواحي الرقابية والعملية والاستشارية، كونهم الهدف الأساسي لإنشاء المؤسسة وهم المعني الأكبر بالموضوع. وسيتعين على المؤسسة أن تضمن “المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين/ات”.

سيساهم ذلك في زيادة الاعتراف -في المجتمع السوري وعلى المستوى الدولي- بتجارب الضحايا والناجين/ات، وضرورة تحقيق العدالة والإنصاف من خلال المشاركة الهادفة والفعّالة للضحايا والناجين/ات في صنع السياسات والعمليات السياسية وفي المجال العام. وهذا يؤدي إلى نهج وسياسات أكثر ديمومة وفعالية لمعالجة قضية المفقودين/ات في سوريا، والتي ستساهم بدورها في تحقيق السلام والمصالحة الدائميّن والمستداميّن، ووضع حد للانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، وبالتالي تعود بالنفع على المجتمع السوري بأكمله.

بدورها، ستستمر “تآزر” في نضالها لإنصاف الضحايا والناجين/ات وأسر المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمختفين/ات قسرياً، سواءً بمفردها، أو بشكل مشترك ضمن ميثاق الحقيقة والعدالة، أو مع شركاء المجتمع المدني الأوسع. تعتمد “تآزر” نهجاً يُركز على تجارب ووجهات نظر وأولويات الضحايا والناجين/ات وعائلاتهم/ن، وتعمل على تمكين جميع ضحايا الانتهاكات التي رافقت النزاع في سوريا على تمثيل أنفسهم/ن والمطالبة بحقوقهم/ن، والمشاركة الفاعلة في جهود كشف الحقيقة، والمساءلة، وتحقيق العدالة.

 

إدارة التوقّعات:

إنّ معالجة قضية المفقودين/ات والمعتقلين/ات والمخفيين/ات قسرياً، في النزاعات طويلة الأمد، مثل النزاع السوري المستمر منذ عام 2011، قد تتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، لا سيما في ظل تورط جميع أطراف النزاع في ارتكاب الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري، وعدم تعاون هذه الجهات مع الأسر والمؤسسات والهيئات التي تعمل من أجل كشف مصير المفقودين/ات وتحديد أماكن وجودهم/ن.

ومع أنه لا يتوقع من المؤسسة المستقلة تحقيق نتائج ملموسة سريعاً، إلا أنها تبقي الباب مفتوحاً للأمل بعودة المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً، ولا تسمح بطي صفحة المفقودين/ات والتخلي عن حق المطالبة بهم، كما تعكس ضرورة استمرار عائلات المفقودين/ات في قيادة الجهود الهادفة لكشف مصير أحبائهم/ن، ومشاركتها الفاعلة في صنع القرارات وتوجيه اتجاهات عمل المؤسسة الجديدة، لزيادة فرص تحقيق التقدم المطلوب في هذه القضية.

من وجهة نظرنا، يمكن للمؤسسة المستقلة -بطبيعة الحال- أن تضع خططاً واستراتيجيات، وأن تقوم بمسح وتحديد المواقع المعروفة والمحتملة كأماكن احتجاز مستخدمة من قبل جميع أطراف النزاع، وأن تعثر على المواقع والخرائط وصور الأقمار الصناعية وأماكن الدفن الفردي والجماعي المعروفة، وكذلك غير المعترف بها، وأن تجمع البيانات والأدلة والشهادات ومقارنتها ببعضها وتحليلها بهدف الكشف عن مصير المفقودين/ات والمختفين/ات قسرياً.

ومن المؤمل أن تستطيع المؤسسة المستقلة، باستخدام الضغط المناسب على جميع الجهات الفاعلة في سوريا، الوصول إلى كافة المقابر الجماعية وجميع مراكز الاحتجاز المعلنة والسرية التابعة لجميع أطراف النزاع، كي يتسنى لها الكشف عن مصير من لا زال حياً من المفقودين/ات أو الأشخاص الذين تم إخفاؤهم/ن قسرياً، وتحديد هوية رفات المتوفين/ات منهم/ن وتسليمها لذويهم/ن.

وحتى في حال لم تتمكن المؤسسة من القيام بعملها مباشرة على الأراضي السورية، فإنها ستظل قادرة على العمل من خارج البلاد وتوفير بعض الإجابات عن أسئلة عائلات المفقودين/ات والمختفين/ات قسراً. وسيشكّل وجود هذه المؤسسة بحد ذاته عامل ضغط على مختلف الأطراف المشاركة في العملية السياسية من أجل السماح لها بدخول الأراضي السورية طالما وكلما كان ذلك ممكناً. والأمر الأهم هو أن وجود المؤسسة المستقلة سيكفل للضحايا السوريين/ات حق في المعرفة والحقيقة وسيضمن عدم نسيان هذا الحق أو تهميشه عند انتهاء النزاع.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق اقرا المزيد