الرئيسية الأخبار شمال سوريا: مقتل 8 مدنيين سوريين على يد حرس الحدود الأتراك خلال الربع الأول من عام 2023

شمال سوريا: مقتل 8 مدنيين سوريين على يد حرس الحدود الأتراك خلال الربع الأول من عام 2023

حالات القتل بالاستهداف المباشر لطالبي اللجوء، والاعتداء عليهم بالضرب والتعذيب، هي جزء من نمط وحشي ينتهجه حرس الحدود الأتراك، دون أن تتصدّى له الحكومة أو تحقق فيه بشكل فعّال. ينبغي على الحكومة التركيّة فتح تحقيق ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وضمان عدم تكرارها

بواسطة editor
304 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مقدمة:

قتلت قوات حرس الحدود التركية “الجندرما” ثمانية مدنيين سوريين، بينهم طفل، وأصابت أكثر من 10 آخرين إصابات خطيرة، خلال الربع الأول من عام 2023، عبر إطلاق النار بشكل مباشر، واستخدام التعذيب والقوة المفرطة ضدّ طالبي اللجوء والمهاجرين السوريين الذين حاولوا عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية، في مناطق شمال سوريا.

إنَّ حالات القتل بالاستهداف المباشر لطالبي اللجوء، والاعتداء عليهم بالضرب والتعذيب، هي جرائم تستدعي المحاسبة، إذ انتهكت تركيا التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في الحياة والحرمة الجسديّة، والحظر المطلق للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

تتبع الحكومة التركية “سياسة اعتداء مُمنهجة” لمنع عبور طالبي اللجوء السوريين إلى أراضيها، حيث يقوم عناصر “الجندرما” المنتشرين على طول الحدود، بضرب وإهانة وتعذيب الأشخاص الذين يحاولون اجتياز الحدود التركية بطريقة غير قانونية، فضلاً عن استهدافهم بإطلاق النار بشكل مباشر، في مراتِ كثيرة، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، منذ بناء الجدار الحدودي.

بدأت الإجراءات الفعلية لمنع دخول السوريين إلى تركيا منذ أواخر عام 2015، حينما شرعت تركيا ببناء جدار حدودي مع سوريا، والذي يبلغ طوله 911 كيلو متراً على طول الحدود التركية السورية، ويتألف من كتل إسمنتية يبلغ ارتفاع الواحدة منها أربعة أمتار.

أرغمت تلك القيود طالبي اللجوء والمهاجرين السوريين على اللجوء إلى طرق عبور غير قانونية وخطرة في معظم الأحيان، وأصبحوا ضحايا لمجموعات منظمة لتهريب البشر من سوريا إلى تركيا، وترتبط أغلب تلك المجموعات بأطراف النزاع المسيطرة في عموم سوريا بشكل أو بآخر، أو يتم غض النظر عنها وعن نشاطاتها.

تؤكد الإفادات التي تحققت منها “تآزر” أن قادة في “الجيش الوطني السوري”، هم من يديرون عمليات الإتجار بالأشخاص وتهريبهم بطرق غير قانونية إلى تركيا، مقابل الحصول على المال، وقد وثقت الرابطة نشوب ما لا يقل عن 12 حالة اقتتال داخلي بين تلك الفصائل في منطقة “نبع السلام” خلال عام 2022، بسبب خلافات حول تقاسم واردات تهريب البشر إلى تركيا.

أصبح طالبو اللجوء السوريون ضحايا للقوات التركية و”الجيش الوطني السوري” على حد سواء، ذلك نتيجة تعرضهم للاعتقال من قبل تلك الفصائل أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية، أو للاستهداف بإطلاق الرصاص الحي من قبل “الجندرما” بقصد القتل، من أجل منعهم من ذلك.

إن استمرار الممارسات العنيفة من قوات حرس الحدود التركية تجاه طالبي اللجوء السوريين، يتزامن مع ما تقوم به السلطات التركية بترحيل آلاف اللاجئين السوريين من أراضيها قسراً[1]، والتخطيط لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري من تركيا إلى الشمال السوري، فضلاً عن التهديد بشنّ عمليات عسكرية جديدة.

تركيا مُلزمة باحترام مبدأ عدم الإعادة القسريّة، الذي يحظر إعادة طالبي اللجوء إلى مكان يواجهون فيه خطر الاضطهاد أو التعذيب أو حيث تكون حياتهم وحريتهم مهدّدة، بما في ذلك عبر رفض استقبالهم على الحدود دون النظر في مطالبهم.

وقالت هيومن رايتس ووتش في تقرير لها، صدر بتاريخ 27 نيسان/أبريل 2023، إنّ حرس الحدود الأتراك يُطلقون النار عشوائيا على المدنيين السوريين على الحدود مع سوريا، ويُعذّبون ويستخدمون القوّة المفرطة ضدّ طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يحاولون العبور إلى تركيا.

وخلال عام 2022، وثقت رابطة “تآزر” للضحايا مقتل ثلاثة مدنيين من طالبي اللجوء السوريون وإصابة آخرين بجروح، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليهم من قبل قوات حرس الحدود التركية (الجندرما) أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية، في المنطقة الممتدة بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض. كما وثقت اعتقال 113 شخصاً، بينهم 7 نساء و3 أطفال، خلال العام نفسه، من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في منطقة “نبع السلام”، بسبب التوجه إلى الحدود التركية أو محاولة قطعها طلباً للجوء.

 

استهداف مباشر:

وثقت رابطة “تآزر” للضحايا مقتل ثلاثة طالبي لجوء سوريون على يد الجندرما، خلال كانون الثاني/يناير 2023، في المنطقة الممتدة بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، وهم كل من “ممدوح الموسى” الذي ينحدر من بلدة القحطانية/تربه سبيه، و “محمد علي الزغير” من بلدة التبني بريف دير الزور الغربي،  و “مناف سوحان العويد” من قرية بقرص تحتاني بريف دير الزور.

فمع مطلع العام 2023، وتحديداً بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير، قُتل الشاب “محمد علي الزغير” الذي ينحدر من بلدة التبني بريف دير الزور الغربي، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليه من قبل حرس الحدود الأتراك، أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية في ريف مدينة رأس العين/سري كانيه.

وفقد “ممدوح أحمد الموسى” (38 عاماً) حياته، بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير، نتيجة إطلاق حرس الحدود الأتراك النار بشكل عشوائي، أثناء محاولته مع آخرين عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية بالقرب من قرية العزيزية في ريف رأس العين/ سري كانيه الغربي.

ينحدر الضحية من قرية مزكفت في ريف بلدة القحطانية/تربه سبيه، وكان قد عاد من لبنان بهدف الهجرة إلى أوروبا نتيجة تردي أحواله المادية.

عقب الحادثة تداولت وسائل إعلام محليَّة خبر مقتل “الموسى” نتيجة إصابته برصاص “الجندرما” بشكل مباشر، لكن تلك ليست الحقيقة، حيث تحدثت “تآزر” إلى عائلة الضحية للتحقق من صحة ما تمَّ تداوله، وقد قال شقيق الضحية:

“فقد أخي حياته نتيجة تعرضه لنوبة دماغية حادة أصابته بسبب الرعب الذي اعتراه خلال إطلاق الجندرما الأتراك النار على المجموعة التي كان ضمنها، أثناء محاولتهم اجتياز الحدود التركية، وقد أُسعف إلى مشفى مدينة شانلي أورفا التركية، وأخبرنا الأطباء ذلك بعد تشريح جثته، إذ لم يكن قد أصيب بالرصاص”.

أضطر ذوو الضحية إلى دفنه في مدينة رأس العين/سري كانيه نتيجة صعوبة نقل الجثمان من المناطق التي تسيطر عليها فصائل “الجيش الوطني السوري” إلى مسقط رأسه في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

وبتاريخ 28 كانون الثاني/يناير، قُتل “مناف سوحان العويد” (30 عاماً)، من قرية بقرص التابعة لناحية الميادين في ريف دير الزور، نتيجة إطلاق النار بشكل مباشر عليه من قبل حرس الحدود الأتراك، أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية في مدينة رأس العين/سري كانيه.

 

تعذيب حتى الموت:

عقب أقل من أسبوع على زلزال 6 شباط/فبراير المدّمر الذي ضرب أجزاء من سوريا وتركيا، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، تمّ تصويره بشكل سري، بتاريخ 12 شباط/فبراير 2023، يُظهر ثمانية على الأقل من حرس الحدود الأتراك يعتدون بالضرب بالعصي ومؤخرة الأسلحة وأدوات صلبة أخرى على ثلاثة شبان سوريين حاولوا عبور الحدود التركية بطريقة غير قانونية بالقرب من قرية دير صوان التابعة لناحية شران/شرا في ريف مدينة عفرين.

تحققت “تآزر” من صحة المقطع المصور، وتأكدت من أنَّ الضحايا هم كلٌ من: “إسماعيل حمدي العجيلي” (19 عاماً) الذي ينحدر من مدينة إعزاز، وقد قُتل نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له من قبل مجموعة من حرس الحدود الأتراك، و “علاء حسين العمر” (20 عاماً) و “محمد رامي رستم” (24 عاماً)، اللذان ينحدران من بلدة دارة عزة في ريف حلب، حيث أصيبا بجروح بليغة نتيجة التعذيب واستخدام القوة المفرطة ضدّهم، وتمَّ نقلهما إلى مشفى في مدينة عفرين لتلقي العلاج، بعد أنَّ قامت الجندرما بألقاء الضحايا من فوق الجدار الحدودي إلى الجانب السوري.

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو الذي يظهر استخدام حرس الحدود الأتراك القوة المفرطة ضدّ ثلاثة شبان سوريين حاولوا عبور الحدود التركية في ريف مدينة عفرين، بتاريخ 12 شباط/فبراير 2023.

وفي 11 آذار/مارس 2023، قُتل شخصان أحدهما طفل، وأصيب ستة آخرون بينهم طفل بإصابات خطيرة، نتيجة تعذيبهم من قبل حرس الحدود الأتراك، أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا من مدينة حارم في ريف إدلب.

تحدثت “تآزر” إلى ثلاثة من الناجين، وأجمعوا جميعاً على إفراط حرس الحدود الأتراك في استخدام القوة ضدّهم، حيث سرد أحدهم حيثيات الجريمة قائلاً:

“بعد أن اجتزنا الجدار الحدودي بنحو 150 متراً، قبضت علينا دورية تابعة لحرس الحدود الأتراك، كانوا قد نصبوا كميناً بالقرب من الحدود، وكانت الساعة قد تخطت الثامنة مساءً، حيث قاموا بنقلنا بواسطة عرباتهم إلى حقل قريب، وهناك انهالوا عليهم بالضرب والركل دون توقف، مستخدمين البنادق والهراوات”.

وبحسب الناجِ، فأن حرس الحدود الأتراك لم يحققوا معهم، بل قاموا عذّبوهم فقط، ووصف ذلك قائلاً:

“لم يسمحوا لنا بالكلام، أو يسألونا أي سؤال، فقط عذّبونا بوحشية، حيث كان عددهم يزيد عن 12 شخصاً، قاموا بضربنا بالبنادق والهراوات، وركلونا بأرجلهم بقوة، وداسوا على أجسادنا، وحتى أعضائنا التناسلية، كما سكبوا على اثنين ممن كانوا معنا زيتاً، ربما كان زيت السيارات، إذ كادوا يختنقون نتيجة دخوله إلى معدتهم، وبقوا يتقيؤون لساعات بعدها”.

أعاد حرس الحدود الأتراك ستة من المصابين، بينهم طفل، وجثة أحد الضحايا إلى سوريا بإجراءات موجزة، فجر يوم 12 آذار/مارس 2023، فيما تُرك طفل آخر في تركيا، قبل أن تعيده هو الآخر جثة إلى ذويه، بعد أيام على مقتله نتيجة التعذيب، حيث قال الشاهد:

“لم يتوقف تعذيبهم الوحشي لنا، حتى أغمي على عبد الرزاق القسطل (18 عاماً) ثم توفي متأثراً بجراحه، بعدها بساعات قاموا بنقلنا مع جثة القسطل إلى معبر باب الهوى، ثم أعادونا إلى سوريا، لكن بقي عبدو الصبّاح (17 عاماً) لديهم، ولم نعلم عنه شيئاً حتى أعادوا جثته إلى أسرته بعد أربعة أيام”.

راجعت “تآزر” صورا للضحايا والناجين، منها جثة “عبد الرزاق القسطل” وجثة “عبدو الصبّاح” بعد تشريحها، وتُظهر جميعاً كدمات شديدة على كافة أنحاء أجساد الضحايا، تتوافق مع إفاداتهم حول التعذيب الذي تعرضوا له.

 

اعتقال مذيع سوري ومديره في تركيا بعد بث حلقة حول انتهاكات حرس الحدود الأتراك:

وذكرت “مراسلون بلا حدود” أنّ محللاً سياسياً تركياً رفع شكوى، يوم 15 آذار/مارس ضدّ مذيع قناة أورينت نيوز أحمد ريحاوي، ومدير مكتب القناة في إسطنبول، وكلاهما مقيمان في تركيا، بعد أن حلّ “أوكتاي يلماظ” ضيفاً على أحد برامج القناة لمناقشة العنف الذي تمارسه الشرطة التركية تجاه اللاجئين السوريين على الحدود بين البلدين، مما أثار انفعال الضيف التركي، الذي وجه إهانات عنصرية إلى المذيع، وأخذ الأوراق التي عليها ملاحظاته ومزقها، وهو يردِّد أمام الكاميرا: “بأي حق تهاجمون تركيا وشعبها“.

وقالت  “مراسلون بلا حدود”: “رغم أن ريحاوي رد بهدوء ومهنية على إهانات يلماظ في الجدل الذي دار على الهواء مباشرة، لم تتوانَ الشرطة التركية عن اعتقال المذيع السوري ومدير مكتب القناة في إسطنبول، علاء فرحات، بناءً على شكوى قدَّمها يلماظ، لتُطلق السلطات سراحهما أخيراً بعد 48 ساعة من الاحتجاز، عقب رفض السلطات القضائية التركية الشكوى المرفوعة من ضيف الحلقة“.

 

قتل مزارع يعمل في أرضه قرب الحدود:

بتاريخ 13 آذار/مارس 2023، قُتل “محمد فايزو” (59 عاماً) نتيجة إطلاق حرس الحدود الأتراك النار بشكل مباشر عليه، بينما كان يعمل في أرضه الزراعية قرب قرية خربة الجوز في منطقة جسر الشغور بمحافظة إدلب.

تحدثت “تآزر” إلى أحد أفراد عائلة الضحية، الذي كان شاهداً على الجريمة، وسرد حيثياتها قائلاً:

“بينما كان محمد يعمل في أرضه القريبة من الحدود التركية، مرّت دوريّة لحرس الحدود الأتراك، وجه أحد عناصرها سلاحه نحونا، ثم أطلق النار على محمد، وضلّ يراقب كيف وقع أرضاً، دون أن يأبه، ثم عاد إلى السيارة العسكرية وغادر المكان، وقد نقلنا محمد إلى مستشفى في إدلب، وتوفي هناك بعد ساعات”.

قبل ذلك أيضاً، كان طفل كُردي قد أصيب نتيجة إطلاق النار عليه من قبل حرس الحدود الأتراك، يوم 16 شباط/فبراير، أثناء عمله في مزرعة قريبة من الحدود التركية في منطقة كوباني.

وبتاريخ 27 آذار/مارس، قُتل الشاب “مجد سليمان الأسود” الذي ينحدر من قرية صبيخان شرقي دير الزور، نتيجة إطلاق عناصر الجندرما التركية النار عليه، أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية في ريف رأس العين/سري كانيه.

 

اعتقال طالبي اللجوء من قبل الجيش الوطني السوري:

خلال آذار/مارس 2023، قابلت “تآزر” شاباً سورياً (28 عاماً) تعرض للتعذيب على يد عناصر “الجندرما”، أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير قانونية، بالقرب من قرية “علوك غربي” الواقعة شرقي رأس العين/سري كانيه، قبل أن تُسلمه إلى قوات “الجيش الوطني السوري” التي قامت بتوقيفه وتغريمه مبلغاً مالياً.

ينحدر الناجِ الذي التقت به “تآزر” من بلدة أبوراسين/زركان شرقي رأس العين/سري كانيه، وكان قد قرر الهجرة إلى أووربا نتيجة تدهور أحواله المعيشية، وقد تحدث لــ “تآزر” حول تفاصيل التعذيب الذي تعرض له قائلاً:

“حاولتُ العبور إلى تركيا برفقة شاب آخر، وبعد اجتيازنا الجدار الحدودي بنحو 500 متر اختبأنا بين المحاصيل، لكن دورية تابعة لــلجندرما ألقت القبض علينا، ثم انهال عناصرها علينا بالضرب، باستخدام مؤخرة أسلحتهم، وركلنا بأرجلهم على سائر أنحاء جسدنا، ولا سيما منطقة الرأس”.

بعد تعذيبهما، سلمت “الجندرما” الشابان إلى الشرطة المدنية التابعة للجيش الوطني السوري عبر البوابة الحدودية في مدينة رأس العين، والتي بدورها أوقفتهم لمدة 5 أيام، تحدث الشاهد حولها قائلاً:

“تعرضنا للسجن مدة 5 أيام لدى الشرطة المدنية، وأثناء وجودي في السجن ساءت حالتي الصحية وفقدت الوعي نتيجة الضرب المُبرح الذي تعرضت له على رأسي على يد الجندرما، فأُسعفت على إثرها إلى المشفى الوطني في مدينة رأس العين لتلقي العلاج، ثم أطلق سراحي بعد دفع غرامة قدرها 500 ليرة تركية”.

وكانت رابطة “تآزر” للضحايا، قد وثقت في تقرير لها نُشر بتاريخ 19 شباط/فبراير 2023، اعتقال 113 شخصاً، بينهم 7 نساء و3 أطفال، خلال عام 2022، من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، بسبب التوجه إلى الحدود التركية أو محاولة قطعها طلباً للجوء، حيث تعرّض المحتجزون/ات لسوء المعاملة والتعذيب في سجون “الجيش الوطني” كما تعرضت عائلات معظمهم/ن للابتزاز، وقد تمَّ إطلاق سراح 86 شخصاً منهم، بعد أن دفعت عائلات أكثر من 70 منهم على الأقل فدى مالية، فيما بقي مصير 27 محتجزاً مجهولاً.

 

المسؤولية القانونية:

بناءً على ما ورد في هذا التقرير من حالات القتل والاعتقال والتعذيب، فأنها تعتبر وبدون أدنى شك، جرائم وانتهاكات واضحة للعديد من حقوق هؤلاء المدنيين، ضمن إطار القانون الدولي الإنساني[2] وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان[3]، ناهيك عن انتهاك حقهم في اللجوء، وإرجاع من بقي منهم على قيد الحياة قسراً، إلى مناطق نزاع غير آمنة[4].

إن حالات القتل بالاستهداف المباشر والإعدامات غير القانونية على الحدود، تعتبر انتهاكاً واضحاً لحق هؤلاء الضحايا في الحياة وضمان عدم حرمانهم منها بشكل تعسفي[5]، وهو ما يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

أما عن حالات الاعتقال التعسفي للأشخاص الذين حاولوا عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، من قبل “الجيش الوطني السوري” المعُارض، وسوء المعاملة التي تلقاها هؤلاء المحتجزون، فهي بدون أدنى شك تعتبر تعذيباً، وبالتالي انتهاكاً واضحاً وجريمة تستوجب المحاسبة استناداً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة[6] لعام 1984، علماً بأن جميع الناس، والمعتقلين منهم على وجه الخصوص لهم الحق في الحياة والسلامة الشخصية من جميع أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وفق ما يضمنه القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان في حالات الحرب كما في حالات السلم.

ينبغي على السلطات التركية ضمان عدم قيام مسؤوليها ومن تحت قيادتهم في “الجيش الوطني السوري” باحتجاز أي شخص تعسفياً أو إساءة معاملته. السلطات التركية ملزمة بالتحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وضمان معاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب.

————————

[1] بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن إدارة المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا، وتحديداً معابر “باب الهوى” ومعبر “باب السلامة” ومعبر “تل أبيض”، بلغ عدد المرحلّين قسراً إلى سوريا حوالي 11 ألف شخص، منذ بداية العام 2022. علماً أن هذا الرقم لا يشمل أعداد المرحلين الذين يتم القبض عليهم في أثناء محاولتهم اجتياز الحدود نحو تركيا بطريقة غير شرعية.

[2] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مصادر القانون الدولي الإنساني.

[3] الأمم المتحدة، أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان.

[4] رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، باولو بينهيرو، في كلمة ألقاها أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021: “هذا ليس الوقت المناسب ليظنن أحد أن سوريا آمنة وأنه يمكن للاجئين العودة إلى ديارهم، لا بل نشهد تصاعدًا في القتال والعنف“.

[5] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة 6، موقع الأمم المتحدة-حقوق الإنسان-مكتب المفوض السامي.

[6] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق اقرا المزيد