الرئيسية تقارير مواضيعية شمال سوريا: الاعتقال التعسفي والتعذيب كسياسة ممنهجة في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري

شمال سوريا: الاعتقال التعسفي والتعذيب كسياسة ممنهجة في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري

استمرت فصائل "الجيش الوطني السوري" التي تدعمها وتمولها تركيا في ممارسة الاعتقال التعسفي في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي، وارتكاب جريمة حرب متمثلة في التعذيب والمعاملة القاسية، وقد تركت آثاراً كارثية على الضحايا وذويهم/ن

بواسطة editor
458 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

الملخّص التنفيذي:

في منتصف آذار/مارس 2023، فوجئت “نسرين محمد/اسم مستعار” بمداهمة منزلها في مدينة رأس العين/سري كانيه من قبل مجموعة مسلحة، قام عناصرها باقتياد زوجها بعد أن عصبوا عينيه وأحكموا ربط يديه، وانهالوا عليه بالضرب على الرأس والظهر بعقب أسلحتهم الرشّاشة/الكلاشينكوف، كلّ ذلك أمام أنظارها وأطفالها الذين انتابتهم الهلع والخوف.

لا يزال مصير زوج “نسرين”، الذي اعتقلته قوات “الشرطة العسكرية” التابعة لـ “الجيش الوطني السوري” مجهولاً، رغم محاولاتها المُتكرّرة الحصول على معلومات حوله، لتعاني كما غيرها من عائلات المحتجزين تعسفياً والمختفين قسرياً لدى “الجيش الوطني” من شعور عام بالكرب والضيق والحيرة، إذ لم تُوفر لها الحماية، وتُركت لتتدبّر أمورها بنفسها.

تعكسُ الحادثة المذكورة أعلاه حالة حقوق الإنسان في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض وعفرين، التي تحتلها تركيا وتسيطر عليها رفقة المجموعات المسلحة المنضوية تحت مسمّى “الجيش الوطني السوري” التابعة للحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف الوطني السوري المُعارض.

وثّقت رابطة “تآزر” للضحايا، خلال عام 2023، اعتقال ما لا يقل عن 431 شخصاً، بينهم 22 امرأة و27 طفل، في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض شمال سوريا، على أيدي القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها، وبينما تم إطلاق سراح 93 شخصاً فقط من عموم المحتجزين/ات، لا يزال 338 منهم/ن محتجزاً.

وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنيّة بسوريا، في تقريرها بعنوان “لا نهاية تلوح في الأفق: التعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية 2020-2023” الذي صدر بتاريخ 10 تموز/يوليو 2023: “سبق للجنة أن توصّلت إلى أنّ الجيش الوطني السوري قد ارتكب في سياق الاحتجاز جرائم حرب تتمثّل في التعذيب والمعاملة القاسية وأخذ الرهائن والاغتصاب والعنف الجنسي، فضلاً عن أعمال ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري“.

لم يلتزم “الجيش الوطني السوري” الذي تدعمه وتموله تركيا، بأي معايير دنيا ينبغي تطبيقها على الأشخاص المحتجزين لدى قواته. تمّ احتجاز جميع من تمت مقابلتهم/ن في أماكن مكتظة أو في زنازين انفرادية ولفترات طويلة دون تبرير. وكان يتم استجواب النساء من قبل الرجال، ويتعرضون لهن بعدة شتائم. كما فُرِضت على جميع الضحايا ظروف احتجاز لاإنسانية كان المسؤولون عنها يبتغون منها إما زيادة الضغط على الضحايا للحصول على اعترافات أو معلومات أو فدية من العائلة، وإما دون غرض محدّد ولمجرّد التسبّب بالمزيد من المعاناة للضحايا. وقد اشترك معظم الضحايا في تجربة الحرمان من النوم والتعريض للبرد الشديد والحرمان من أي وسائل للتدفئة أقلها الأغطية، ولم يذكر أي ضحية أنه حصل على تغذية كافية أو مياه شرب نظيفة. كما تعرض جميع الضحايا للشتائم والعبارات والتصرفات التي تمس العرض والشرف وفق المعايير الاجتماعية السائدة، وعادةً ما كان الضحايا الكُرد يوصفون بالخنازير والكفرة.

وتُشير القصص التي وثّقتها “تآزر” إلى أنّ أحد الذرائع المتكرّرة والمزعومة التي يتم توجيهها للمعتقلين/ات هو الانتماء إلى قوات سوريا الديمقراطية و/أو التعامل مع الإدارة الذاتية، حيث قال أخ أحد المعتقلين، إنّ أخاه الذي تمّ اعتقاله أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية طالباً للجوء الإنساني، اعترف تحت التعذيب، الذي شمل تعرضه للضرب بالكبل الرباعي واللكم والصفع المتكرّر والتهديد النفسي بالشتائم والقتل، أنّه عنصر في قوات سوريا الديمقراطية، فقط ليتوقفوا عن تعذيبه. دفعت عائلة الضحية مبلغ 2000 دولار أمريكي مقابل إطلاق سراحه بعد اعتقال دام 73 يوماً.

كانت غالبية عمليات الاحتجاز والحرمان من الحرية في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، بدافع الابتزاز وتحصيل فدى مالية من الضحايا وعائلاتهم/ن، بينما احتُجز آخرون بغرض ترهيبهم ودفعهم إلى مغادرة المنطقة.

وقال ناشط حقوقي يعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في شمال سوريا لـ “تآزر”: “منذ احتلال عفرين قبل خمسة أعوام، يتعرض سكانها الكُرد الباقون للاعتقال بشكل متكرر، بذريعة التعامل المزعوم السابق مع الإدارة الذاتية أو العمل لدى إحدى مؤسساتها المدنية أو العسكرية، لكن الغاية الرئيسية من وراء ذلك هي ترهيب السكان الكُرد ودفعهم لمغادرة المنطقة ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم، فضلاً عن ابتزاز عائلات المحتجزين وتحصيل فدية مالية منهم“.

وتجري حالات الاعتقال أحيانا لأسباب غير مفهومة، حيث ذكر أحد الشهود الذين قابلتهم “تآزر” أنّه خلال عملية توزيع مساعدات إنسانية عقب زلزال شباط/فبراير 2023، نشب شجار بالأيدي بين عنصر في “الجيش الوطني السوري” أراد التحكم بعملية التوزيع، وأحد ضحايا الزلزال المدنيين، قبل أن يلوذ الأخير بالفرار خوفاً من المحاسبة أو الانتقام، وهو ما حصل بالفعل، حيث قامت دورية مشتركة بين قوات الاستخبارات التركية وقوات “الشرطة العسكرية” التابعة للجيش الوطني السوري، بمداهمة منزل الشخص الفار، واعتقلت شقيقه عوضاً عنه.

ونقل أحد الناشطين المدنيين من منطقة الشدادي جنوب الحسكة، أنّه تعرض للاعتقال مع 18 آخرين، من قبل قوات الشرطة العسكرية في “الجيش الوطني السوري”، أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تركيا، حيث تمّ عصب عينيه، والتحقيق معه واتهامه بالتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، ورافق ذلك التعذيب النفسي المتمثّل بالشتائم المتكرّرة والتهديد بالقتل، والتعذيب الجسدي المتمثّل بالركل والصفع طيلة فترة التحقيق، التي استمرت ثلاثة أيام.

أثناء وجودهم في الحجز، أبلغ العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أنه لم يُسمح لهم باستخدام الحمامات/المراحيض إلا مرة واحدة يومياً، وفي بعض الأحيان لفترات امتدت لعدة أيام. وقُدمت لهم وجبة واحدة صغيرة يومياً، اضطروا أحيانا لدفع ثمنها، ناهيك عن حرمان الضحايا من أي تدابير تتعلق بالنظافة. كما لم تتم مراعاة الحاجات الصحية الخاصة بالنساء، فقد تم حرمان 3 سيدات من الضحايا من الفوط الصحية خلال فترة اعتقالهنّ التي استمرت أكثر من شهر، بالإضافة إلى حرمانهنّ عمداً من الاستخدام الطبيعي للمراحيض والاستحمام، وإجبارهنّ على أن يرافقهنّ حرس من الرجال عند استخدامهنّ للمرحاض، مما نتج عنه أمراض في الجهاز التناسلي لهؤلاء الضحايا السيدات.

تجدر الإشارة إلى أن عدداً من فصائل “الجيش الوطني السوري” وقادتها مصنفون على قوائم عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، كتجمع “أحرار الشرقية” وقائدها “أحمد إحسان فياض الهايس” المعروف باسم “أبو حاتم شقرا” وآخرين تم تصنيفهم في تموز/يوليو 2021[1]. ومؤخراً تم تصنيف كل من فرقة الحمزة (الحمزات) وقائدها “سيف بولاد أبو بكر”، وفرقة السلطان سليمان شاه (العمشات) وقائدها “محمد الجاسم” المعروف باسم “أبو عمشة” وشقيقه “وليد الجاسم” وهو قيادي كبير في المجموعة المسلّحة، لصلتهم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين شمال سوريا، بحقّ السكان الكُرد، بما في ذلك عمليات الخطف والاعتقال والابتزاز والاغتصاب والتعذيب والاستيلاء على الأراضي والممتلكات.[2]

يجب على الأمم المتحدة إعطاء الأولوية لهذه القضية وإيلاءها الاهتمام الكافي، نظراً لفداحة الانتهاكات المرتكبة وغياب أي حماية قانونية لمئات الآلاف من المدنيين والضحايا الفعليين والمحتملين خلال فترة مستمرة لوقت طويل. يجب ألا تشعر المجموعات المسلحة من غير الدول المسيطرة على مناطق في شمال سوريا بأنها محصنة من المساءلة، أو أنها غير معنية باحترام وحماية حقوق الإنسان للسكان الخاضعين لسيطرتها.

إنّ عدم التحرك واتخاذ الإجراءات الممكنة بمواجهة ما يتعرض له الضحايا بشكل متواصل على يد تلك المجموعات يمثل تصريحاً ضمنياً لها بمواصلة ممارساتها وضياع حقوق الضحايا. إن تصنيف بعض هذه الفصائل على قوائم العقوبات الأمريكية بسبب سجلها الموثق في انتهاكات حقوق الإنسان يعتبر مؤشراً دامغاً على مصداقية ما أوردناه في هذا التقرير وعلى فداحة ما ترتكبه بحق السكان المدنيين.

أجرت “تآزر” 40 مقابلة مباشرة، مع ضحايا للاعتقال التعسفي والتعذيب، وناجين/ات وأفراد عائلاتهم/ن في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض شمال سوريا، وعززت تحليل تلك المقابلات عبر مقاطعتها مع سنوات عملنا وخبرتنا الواسعة في التوثيق والدفاع عن حقوق الضحايا، ومن خلال باحثينا وباحثاتنا في الميدان، ومصادر أخرى، كالتقارير الأممية وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية.

 

مقدمة:

تستمر عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي التي ترتكبها القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” الموالية لها، في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، التي تحتلها تركيا كنتيجة لعمليتي “غصن الزيتون” في عام 2018 و “نبع السلام” في عام 2019.

وثّقت رابطة “تآزر” للضحايا، خلال عام 2023، اعتقال ما لا يقل عن 431 شخصاً، بينهم 22 امرأة و27 طفل، من قبل القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض شمال سوريا، وبينما تم إطلاق سراح 93 شخصاً فقط من عموم المحتجزين/ات، لا يزال مصير 338 شخصاً آخرين، بينهم 18 طفل و13 امرأة، طيّ الكتمان.

وشهدت مناطق عفرين خلال عام 2023، النسبة الأكبر من الاعتقالات الموثّقة، حيث تم اعتقال ما لا يقلّ عن 336 شخصاً (بينهم 20 امرأة و15 طفل)، وفي حين تم الإفراج عن 68 شخصاً فقط، ذكر 62 شخص منهم/ن إنهم/ن تعرضوا للتعذيب، فيما لا يزال مصير 268 شخصاً مجهولاً.

بينما تعرض 95 شخصاً آخرين للاحتجاز التعسفي في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، (بينهم 12 طفل وامرأتان)، وفي حين تم الإفراج عن 25 شخصاً فقط، لا يزال مصير 70 شخصاً مجهولاً، وقد ذكر 23 شخصاً من المفرج عنهم/ن إنهم/ن تعرضوا للتعذيب.

كانت قوات “الشرطة العسكرية” في “الجيش الوطني السوري” في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض وعفرين، مسؤولة عن النسبة الأعلى من حالات الاعتقال التعسفي، حيث تورطت في اعتقال 152 شخصاً، واعتقلت الاستخبارات التركية 73 شخصاً، ونفذت فرقة السلطان مراد 68 حالة اعتقال، فيما تم تسجيل 54 حالة اعتقال من قبل فرقة الحمزة.

كانت غالبية عمليات الاحتجاز والحرمان من الحرية في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، بدافع الابتزاز وتحصيل فدى مالية من الضحايا وعائلاتهم/ن، بينما احتُجز آخرون بغرض ترهيبهم ودفعهم إلى مغادرة المنطقة.

أشارت الإفادات التي جمعتها “تآزر” إلى أن ضباطاً أتراك كانوا موجودين بصفة منتظمة في مرافق الاحتجاز التابعة للجيش الوطني السوري، وأفاد محتجزون سابقون، أنّ مسؤولين أتراك كانوا حاضرين أثناء جلسات استجواب استُخدم فيها التعذيب.

واستُجوِبَ المعتقلون، بشكل روتيني حول صلاتهم المزعومة بالإدارة الذاتية و/أو قوات سوريا الديمقراطية، كما حُرموا من حق توكيل محامي دفاع، ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد أن دفعوا مبالغ مالية لأفراد الفصائل التابعة للجيش الوطني السوري.

وروى المُفرج عنهم ممن قابلتهم “تآزر” باستمرار تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب، كما تمّ تعصيب أعينهم أثناء الاستجواب في السجون التي تديرها فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض.

في معظم الحالات التي وثقتها “تآزر”، احتُجز المدنيون في سجون الشرطة العسكرية في عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، وسجن حوار كلس الذي تديره فرقة السلطان مراد، وسجن المعصرة في أعزاز بريف حلب الشمالي، أو سجون الفصائل التي قامت باعتقالهم، فيما اقتيد آخرون إلى أماكن احتجاز مجهولة.

وتطابقت روايات الضحايا بشأن ظروف الاحتجاز السيئة، بما في ذلك اكتظاظ مراكز الاحتجاز، ومحدودية فرص الحصول على الغذاء والماء، والحرمان من الرعاية الطبية، كما عمدت فصائل “الجيش الوطني السوري” إلى إخفاء عدد كبير من المحتجزين/ات قسراً، وعند اتصال أسرهم بمقاتلي تلك الفصائل للسؤال عن مكان أحبائهم، كان الرد في معظم الأحيان عدم إعطائهم أي معلومات أو تهديدهم وابتزازهم.

للاحتجاز تأثير متعدد الأوجه على الرجال والنساء والأطفال، ويشمل ضروباً من الأذى الجسدي والذهني على حد سواء، إذ وصف معظم المحتجزين السابقين معاناتهم من آلام جسدية مزمنة ناجمة عن التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له والحبس والظروف غير الصحية داخل مرافق الاحتجاز، فضلاً عن معاناتهم من صداع واضطرابات نفسية لاحقة للصدمة.

ولا تزال مئات أسر المختفين قسراً لدى “الجيش الوطني السوري” في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، تعاني من شعور عام بالكرب والضيق والحيرة، إذ لم تُوفر لها الحماية، وتُركت لتتدبّر أمورها بنفسها، وقد عملت الكثير من الأسر بلا كلل للحصول على معلومات عن ذويها المفقودين، ولكن من دون نجاح يُذكر.

اعتمدت الرابطة في توثيقاتها التي جمعتها في قاعدة البيانات الخاصة بها على شبكة باحثيها الميدانيين، والمعلومات التي حصلت عليها من ذوي المحتجزين/ات وشهود عيان، فضلاً عن التحقق من معلومات المصادر المتاحة للعموم (المصادر المفتوحة).

وتُنوّه “تآزر” إلى أن الانتهاكات التي ترتكبها تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، هي أكثر بكثير مما يتم توثيقها والتحقق منها بالاسم والكنية ومكان الاعتقال والتاريخ على سبيل المثال، إذ تعتقد الرابطة أنّ العدد الفعلي لحالات الاعتقال هو أعلى بكثير من الرقم الوارد في هذا التقرير.

 

الاعتقال التعسفي كسياسة ممنهجة:

أكّدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها الأخير، الذي صدر بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر 2023، استمرار عمليات الاعتقال والاحتجاز من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري” في عفرين ورأس العين/سري كانيه، ولا سيما على أيدي قوات الشرطة التابعة للجيش الوطني، وروى من أجرت اللجنة معهم مقابلات باستمرار تعرضهم للضرب والتعذيب وسوء المعاملة في العديد من مراكز الاحتجاز. كما أكدت اللجنة استمرار وجود ضباط أتراك في مراكز الاحتجاز في رأس العين وتل أبيض وأخترين وحوار كلس، وفي بعض الحالات تعرض المحتجزين للضرب والتعذيب أثناء الاستجواب من قبل ضباط أتراك. كما استجوب مسؤولون أتراك، بمساعدة مترجم، امرأة كُردية احتُجزت مع أطفالها الأربعة الصغار في سجن حوار كلس لمدة أربعة أشهر مطلع عام 2023، بعد ترحيلها من تركيا. وقالت إنها لم تتعرض للضرب أثناء احتجازها، لكنها هُدّدت وأُهينت من قبل حراس الجيش الوطني السوري، ولم تُرضع ابنتها البالغة من العمر 20 شهراً ولم تغير حفاضاتها لمدة 20 يوماً تقريباً. وصرح زوجها بأن رجلاً تركياً قام، بمساعدة مترجم، بالاتصال به مراراً من هاتفها وقال له إن إطلاق سراح الأسرة يتوقف على مساعدتهم في تجنيد أحد أفراد عائلة الزوجة (المرتبط بقوات سوريا الديمقراطية) للعمل لصالحهم. وتُحقق اللجنة حالياً في عدة ادعاءات بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي ارتكبها أفراد الجيش الوطني السوري.

يتعرض السُكان الأصليون في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، التي تحتلها تركيا، لانتهاكات يومية لا حصر لها، تمنع مئات آلاف النازحين الآخرين من العودة إلى أرضهم واستعادة ممتلكاتهم المسلوبة.

صارت ممارسة الاعتقال التعسفي والاحتجاز والإخفاء القسري في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض واسعة الانتشار، إلى جانب ممارسات أخرى، مثل المصادرة المنهجية لممتلكات الضحايا، والابتزاز والضرب، وحتى القتل تحت التعذيب.

إنّ الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض، غالباً ما تكون ذات خلفية عنصرية، ولا سيما بحق الكُرد، بينما ارتُكبت انتهاكات أخرى، كالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والاستيلاء على الممتلكات وغيرها، بدافع كسب المال، ولم تفرق بين الضحايا على أساس الانتماء أو الدين أو الأصل القومي أو الاثني، حيث كان الضحايا من مختلف مكونات المنطقة، عرباً وكُرد، مسلمين وايزيديين ومسيحيين، وأرمن وسريان وشيشان.

تعرضت عائلات غالبية ضحايا الاعتقال التعسفي للابتزاز من قبل فصائل “الجيش الوطني السوري”، واضطرت في نهاية المطاف إلى الرضوخ ودفع مبالغ مقابل الإفراج عن أحبائهم المحتجزين/ات، ما يؤكد أنّ هذه الممارسة ممنهجة، هدفها تهجير سكان المنطقة الأصليين، ولا سيما الكُرد، والاستيلاء على ممتلكاتهم.

 

ظروف الاحتجاز والانتهاكات المرافقة له:

لم يتم إبلاغ أي من الضحايا الذين تمت مقابلتهم على الفور بالأسباب والأسس القانونية لاحتجازهم. وتم إبلاغ بعضهم لاحقاً بأنه تم اعتقالهم بتهمة “التعاون والاتصال مع الإدارة الذاتية” أو “أنهم مقاتلون” أو لأسباب تتعلق بتفجيرات أو أعمال وصفتها الجهات المحتجزة بالإرهابية. لم يُعرض معظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم على المحكمة في أي مرحلة. ومع ذلك، أكد جميع الذين قابلناهم أنه تم إطلاق سراحهم مقابل فدية أو بعد إجبارهم على التنازل عن ممتلكاتهم. كما سُلبَت الممتلكات الشخصية للعديد من الضحايا سواء عند تفتيشهم ذاتياً أو من منازلهم عند اعتقالهم، ومن ذلك الأموال والذهب والهواتف المحمولة وصكوك الملكية.

على سبيل المثال، بتاريخ 13 حزيران/يونيو 2023، قال أخ أحد المعتقلين، إنّ أخاه الذي تمّ اعتقاله أثناء محاولته عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية طالباً للجوء الإنساني، اعترف تحت التعذيب، الذي شمل تعرضه للضرب بالكبل الرباعي واللكم والصفع المتكرّر والتهديد النفسي بالشتائم والقتل، أنّه عنصر في قوات سوريا الديمقراطية، فقط ليتوقفوا عن تعذيبه. دفعت عائلة الضحية مبلغ 2000 دولار أمريكي مقابل إطلاق سراحه بعد اعتقال دام 73 يوماً، ما يعكس الحالة النفسية التي يتعرّض لها الأهالي خوفاً من تعرَض أحبائهم للتعذيب وحتى فقدان الحياة.

أثناء وجودهم في الحجز، أبلغ العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أنه لم يُسمح لهم باستخدام الحمامات/المراحيض إلا مرة واحدة يومياً، وفي بعض الأحيان لفترات امتدت لعدة أيام. وتم تقديم وجبة صغيرة لهم يومياً يضطرون أحيانا لدفع ثمنها، ناهيك عن حرمان الضحايا من أي تدابير تتعلق بالنظافة. كما لم تتم مراعاة الحاجات الصحية الخاصة بالنساء، فقد تم حرمان 3 سيدات من الضحايا من الفوط الصحية خلال فترة اعتقالهنّ التي استمرت أكثر من شهر، بالإضافة إلى حرمانهنّ عمداً من الاستخدام الطبيعي للمراحيض والاستحمام، وإجبارهنّ على أن يرافقهنّ حرس من الرجال عند استخدامهنّ للمرحاض، مما نتج عن أمراض في الجهاز التناسلي لهؤلاء الضحايا السيدات.

ونقل أحد الناشطين المدنيين من منطقة الشدادي جنوب الحسكة، أنّه وبعد ثمانية أيام من اعتقاله، بينها ثلاثة أيام من التحقيق المترافقة بالتعذيب النفسي والجسدي شملت التهديد بالقتل والضرب والركل، تمّ نقله إلى باحة منزل كبير جمعوا فيها نحو 100 محتجز، بينهم عدة نساء، وتركوهم/ن محتجزين/ات في الخارج لفترات متفاوتة، ذلك خلال شهر تموز/يوليو، حيث تصل درجة الحرارة نهاراً إلى 40 درجة مئوية، وفيما بقي هو وتسعة آخرين في الخارج ثمانية أيام، لا يُعرف الأيام التي قضاها الأشخاص السابقون، مؤكداً أنّهم كانوا يحصلون على سندويشة واحدة خلال اليوم، بعد أن يدفعوا ثمنها.

ولم تلتزم الجهات المحتجزة بأي معايير دنيا ينبغي تطبيقها على الأشخاص المحتجزين لديهم. تمّ احتجاز جميع من تمت مقابلتهم في أماكن مكتظة أو في زنازين انفرادية ولفترات طويلة دون تبرير. وكان يتم استجواب النساء من قبل الرجال، ويتعرضون لهن بعدة شتائم. كما فُرِضت على جميع الضحايا ظروف احتجاز لاإنسانية كان المسؤولون عنها يبتغون منها إما زيادة الضغط على الضحايا للحصول على اعترافات أو معلومات أو فدية من العائلة، وإما دون غرض محدّد ولمجرّد التسبّب بالمزيد من المعاناة للضحايا. وقد اشترك معظم الضحايا في تجربة الحرمان من النوم والتعريض للبرد الشديد والحرمان من أي وسائل للتدفئة أقلها الأغطية. كما لم يذكر أي ضحية أنه حصل على تغذية كافية أو مياه شرب نظيفة. كما تعرض جميع الضحايا للشتائم والعبارات والتصرفات التي تمس العرض والشرف وفق المعايير الاجتماعية السائدة، وعادة ما كان الضحايا الأكراد يوصفون بالخنازير والكفرة.

وقد فصّل الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات مختلف أشكال التعذيب وسوء المعاملة التي تعرضوا لها، أو شهدوها أثناء احتجازهم. واستخدم الجناة المزعومون وسائل وأساليب متشابهة ومتنوعة لإحداث ألم ومعاناة شديدين للضحايا. فبالإضافة إلى اللطم والركل والصفع، تم ضرب الضحايا بالعصي وخراطيم المياه والأسلاك الكهربائية. كما تعرض عدة ضحايا للشبح بواسطة البلانكو[3] وما يُعرف بالفروجة[4] ولإطفاء السجائر في أجسادهم. وتم تعليق بعض الضحايا إلى السقف، وضربهم بأعقاب البنادق، وتعرضوا للصعق بالكهرباء. وكان بعض الضحايا قد تعرضوا لأشكال أخرى من التعذيب مثل الإغراق في الماء، تكسير الأصابع، إحداث جروح بواسطة آلة حادة، والجر خلف عربة عسكرية. بالإضافة إلى ذلك، أُجبِر بعض الضحايا على مشاهدة تعذيب أفراد آخرين بطريقة أشد قسوة، وهُددوا بالتعرض للمثل إن لم يتعاونوا ويعترفوا بما هو مطلوب منهم. كما تعرض معظم الضحايا للتهديد بالقتل، وبعضهم تمّ توجيه السلاح فعلاً لرؤوسهم.

وقد اشترك 34 ضحية على الأقل في تجربة الاعتقال والتعذيب من قبل عناصر فصائل “الجيش الوطني السوري” وأحياناً بمشاركة عناصر حرس الحدود التركي بسبب محاولتهم مغادرة المنطقة واللجوء عبر الأراضي التركية. وعلى الرغم من أن السبب الرئيسي المفترض لاعتقال هؤلاء هو محاولة عبورهم الحدود الدولية، إلا أن جميعهم خضعوا للتحقيق خلال الاحتجاز بتهم الانتماء لـ “قسد” أو التعامل مع الإدارة الذاتية أو التورط في أعمال “إرهابية”. وقد رافق التحقيق في الإجمال مختلف أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وانتهى الأمر بالبعض بالموافقة على التوقيع على اعترافات لم يُدلوا بها.

 

الجهات المتورطة:

تعرّف الكثير من الضحايا على الجهات التي شاركت بشكل مباشر في احتجازهم وإخضاعهم لمختلف أشكال التعذيب وسوء المعاملة. ولم يتمكّن ضحايا آخرون من فعل ذات الشيء بسبب طريقة “اختطافهم” وتعصيب أعينهم ومنعهم من الحصول على أي معلومات عن السلطة المحتجزة أو مكان احتجازهم. تمّ اعتقال و/أو تعذيب بعض الضحايا عدة مرات إما على يد نفس الفاعل أو على يد جهات مختلفة. خلصت “تآزر” من تحليل الشهادات ومقاطعة المعلومات الواردة فيها، خاصةً حين كان يتم نقل الضحايا و/أو تسليمهم إلى جهات أخرى، أنّ المنظومة بأكملها تقع ضمن هيكلية وقيادة “الجيش الوطني السوري” بمختلف فصائله وكياناته ومن ضمنها الشرطة المدنية والشرطة العسكرية والقضاء.

وقد تعرف بعض الضحايا على بعض الجناة المزعومين من خلال التعرف المباشر على الأشخاص وانتماءاتهم. وأبلغ جناة آخرون الضحايا عن الجهات التي ينتمون إليها، فيما تمّ التعرف على البقية بحسب مركز الاحتجاز والجهة المعروفة بالسيطرة عليه أو المنطقة التي تمكنوا من تحديدها.

وسبق أن وثّقت هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية أنماطًا ممنهجة من الانتهاكات ضد السكان في المناطق التي تسيطر عليها فصائل “الجيش الوطني السوري” في عفرين، وفيما تُسمى مناطق “نبع السلام”، بدءًا من الحرمان التعسفي من الحرية المرتكب على نطاق واسع من قبل فصائل مختلفة تابعة للجيش الوطني السوري، وإجبار السكان – ومعظمهم من أصل كردي – على المغادرة من خلال التهديد والابتزاز والقتل والخطف والتعذيب والاعتقال، بالإضافة إلى توثيق العنف الجنسي ضد النساء والفتيات. [5]

إنّ ما يعرضه هذه التقرير من انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل “الجيش الوطني السوري” ما هي إلا حلقة في سلسلة ممنهجة وواسعة النطاق من الممارسات المماثلة التي قد ترقى لتكون سياسة رسمية لتلك الفصائل. فالنهج الذي تمّ توثيقه فيما تُسمى مناطق “غصن الزيتون” ما زال مستمراً من قبل الأطراف المتورطة ذاتها، وتمّ توسيع رقعته مع إحكام السيطرة على ما تُسمى مناطق “نبع السلام”. وبمراجعة النهج المتبع، نلاحظ تسلسل الأنماط المتبعة بحق السكان الأصليين – خاصة من أصول كردية – بهدف اضطهادهم وإجبارهم على المغادرة وعدم العودة. بدأت الممارسات في حالتي “غصن الزيتون” و “نبع السلام” بانتهاكات القانون الدولي الإنساني المتعلقة بالأعمال العدائية، وتبعتها عمليات نهب ممنهجة وغير مسبوقة.[6] ويتزامن ذلك مع ما وثقته الهيئات الأممية من انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المدنيين من سكان المنطقة.

 

ذريعة متكررة:

منذ احتلال مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض من قبل تركيا، خلال أعوام 2018 و2019، تعرض الآلاف من السكان الأصليين لتلك المناطق، ولا سيما الكُرد، للاعتقال التعسفي والاحتجاز القسري، بذريعة صلاتهم المزعومة بالإدارة الذاتية و/أو قوات سوريا الديمقراطية، حيث أصبحت ممارسة متكررة لاعتقال المدنيين وابتزاز ذويهم.

في منتصف آذار/مارس 2023، تعرض شاب للاعتقال في مدينة رأس العين/سري كانيه، من قبل قوات الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري، وروى أحد أقربائه تفاصيل اعتقاله لـ “تآزر” قائلاً:

“اعتُقل الشاب من محله التجاري الذي يقع وسط السوق العام للمدينة، وتمّ اقتياده إلى مقر الشرطة العسكرية، حيث وُجهت له تهمة التعامل المزعوم مع الإدارة الذاتية، ومنذ حينها لا نعلم عنه شيئاً، ولم يسمحوا لعائلته برؤيته، كما لم يتم تقديمه للقضاء حتى الآن، كحال العشرات غيره ممن اعتُقلوا بذات التهمة المزعومة”.

وتحدث ناشط حقوقي يعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين لـ “تآزر”:

منذ احتلال عفرين قبل خمسة أعوام، يتعرض سكانها الكُرد الباقون للاعتقال بشكل متكرر، بذريعة التعامل المزعوم السابق مع الإدارة الذاتية أو العمل لدى إحدى مؤسساتها المدنية أو العسكرية، لكن الغاية الرئيسية من وراء ذلك هي ترهيب السكان الكُرد ودفعهم لمغادرة المنطقة ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم، فضلاً عن ابتزاز عائلات المحتجزين وتحصيل فدية مالية منهم“.

 

ابتزاز عائلات المحتجزين والمختفين قسرياً:

لم يكن تاريخ 13 حزيران/يونيو 2023 سهلاً على سيبان محمد/اسم مستعار، حيث حاول مع العشرات عبور الحدود إلى تركيا بطريقة غير شرعية، في محاولته للجوء إلى القارة الأوروبية، لكن قوات حرس الحدود التركية (الجندرما) اعتقلته ومن معه، وقامت بتسليمهم إلى قوات “الشرطة العسكرية” التابعة للجيش الوطني السوري في بلدة مبروكة غربي رأس العين/سري كانيه، وقد أُفرج عن البعض بعد يومين من التحقيقات، إلا أنّ سيبان ظلّ لأيام أخرى، اعترف خلالها بأنّه عنصر لدى قوات سوريا الديمقراطية.

قال الشاهد إنه لم يكن عنصراً في قوات سوريا الديمقراطية، لكن اعترف ذلك بسبب التعذيب المتكرّر واللكم والركل والصفع والتهديد بالقتل، وفي إفادات سابقة، قال شهود لـ “تآزر” إنّ المحتجزين الذين يُعثر في هواتفهم على أية صور أو مقاطع فيديو لقوات سوريا الديمقراطية، يتم انتزاع اعترافات منهم بالانتماء إليها تحت التعذيب، حتى وإن لم يكونوا كذلك.

وقال شقيق سيبان لـ “تآزر” أنّه تمّ تحويل شقيقه إلى السجن المركزي التابع للشرطة العسكرية، ومع أنّهم قاموا بتوكيل محامٍ لتقديمه إلى المحكمة، إلا أن ذلك لم يُجدي نفعاً. واضطرت العائلة لاحقاً وبعد عدة محاولات، إلى دفع مبلغ مالي قُدّر بألفي دولار أمريكي لأشخاص مقرّبين من الشرطة العسكرية، مقابل إطلاق سراح سيبان، بعد أن قضى 73 يوما معتقلاً، تعرّضت فيها أسرته لأذى نفسي كبير وخوف من مكوثه في المعتقل، أو حتى القتل تحت التعذيب، فضلاً عن تدهور الحالة النفسية للناجِ بعد إطلاق سراحه.

 

ضحايا الزلزال عُرضة للاعتقال:

كان الزلزال الذي حدث بتاريخ  6 شباط/فبراير 2023 كارثياً ومُدمّراً في سوريا، وقد فاقم المعاناة الإنسانية التي تعرّض لها الناس، انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت وتلت عملية الاستجابة للزلزال بحسب تقرير مُشترك نشرته “تآزر” وشركائها، ففي حين أنّ هذه الانتهاكات تنوّعت ما بين: منع أو عرقلة دخول المساعدات المُنقذة للحياة أحياناً، وتوجيه تمييزي في عمليات الإنقاذ من بعض أطراف النزاع أحياناً أخرى، والتمييز في توزيع المساعدات والاستيلاء عليها والاقتطاع منها والاتجار بها و/أو تحويل وجهتها، وتوثيق انتهاكات متعلقة بحقوق السكن والأرض والملكية، فقد تم توثيق حالات اعتقال أيضاً بحقّ مدنيين في عفرين على خلفية توزيع المواد الإغاثية.

بتاريخ 11 شباط/فبراير 2023، تعرض “محمد عبد/اسم مستعار” للاعتقال مع أحد أصدقائه في مدينة عفرين، أثناء قيامه بمعاينة منزله المتضرر من الزلزال الذي ضرب شمال سوريا بتاريخ 6 شباط/فبراير.

روى الرجل الخمسيني لــ “تآزر” تفاصيل اعتقاله وصديقه قائلاً:

“كنت أقف مع صديقي أمام منزلي في عفرين، ننتظر قدوم أحد موظفي غرفة المهندسين في المجلس المحلي للمدينة، من أجل الكشف على منزلي المتضرر من الزلزال، وحين أتى المهندس دخلت معه إلى المنزل، لكنني لم أجد صديقي عندما خرجت، فبحثت عنه لبرهة، حتى أتى عنصر في الشرطة المدنية وطلب مني مرافقته إلى مقرهم القريب من منزلي”.

في مقر الشرطة المدنية في عفرين، فوجئ “عبد” بصديقه محتجزاً لدى تلك القوات، وقال حول سبب الاعتقال:

“كان صديقي محتجزاً في أحد غرف مقر الشرطة المدنية، وكانوا قد أوقفوه بحجة أنه كان يقوم بتصوير مقر الشرطة المدنية، لكنه في واقع الأمر كان يقوم بتصوير منزلي والأبنية المنهارة حوله، وحين دفاعي عنه اعتقلوني أيضاً، ثم قاموا بتسليمنا إلى قوات الشرطة العسكرية”.

مُنع الشاهد وصديقه من الاتصال بذويهم، وسرد حيثيات استجوابهم قائلاً:

“خضعنا في مقر الشرطة العسكرية للاستجواب، وقاموا بتفتيش هواتفنا، وكان هاتفي يحوي مقاطع فيديو تظهر الدمار الذي خلفه الزلزال في جنديرس وعفرين، كما وجدوا محادثات عبر تطبيق واتس آب أتحدث فيها لأحد الأصدقاء حول انتهاكات فصائل الجيش الوطني السوري بحق المدنيين الكُرد”.

تعرض الشاهد لسوء المعاملة عقب اكتشاف محتوى هاتفه المحمول، وقال حول ذلك:

“شتمني المحقق بعبارات نابية، وقال لي: كيف تجرؤ على الحديث ضدنا؟ ثم هددنا وأمر بوضعنا في إحدى الزنزانات، طالباً ألا نذكر أسمائنا لأحد، حيث يُمنح لكل سجين رقم يُعرف به داخل السجن، حصلت وصديقي على رقمين مختلفين، وقابلنا داخل الزنزانة أشخاص محتجزين منذ 3 سنوات، وآخرون تجاوزت مُدة إيقافهم سنة ونصف دون تقديمهم للقضاء”.

بعد يومين من الاحتجاز أطلقت قوات الشرطة العسكرية سراح “عبد” وصديقه، نتيجة انتشار خبر اعتقالهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وتدخل بعض الوجهاء للتوسط لإطلاق سراحهم.

وبتاريخ 1 حزيران/يونيو 2023 كانت إحدى المنظمات الإنسانية تقوم بعمليات توزيع للمساعدات الإنسانية في منطقة عفرين، عقب زلزال شباط/فبراير 2023، وذكر أحد الشهود الذين قابلتهم “تآزر” أنّه خلال عملية توزيع المساعدات، نشب شجار بالأيدي بين عنصر في “الجيش الوطني السوري” أراد التحكم بعملية التوزيع، وأحد ضحايا الزلزال المدنيين، قبل أن يلوذ الأخير بالفرار خوفاً من المحاسبة أو الانتقام، وهو ما حصل بالفعل، حيث قامت دورية مشتركة بين قوات الاستخبارات التركية وقوات “الشرطة العسكرية” التابعة للجيش الوطني السوري، بمداهمة منزل الشخص الفارّ، واعتقلت شقيقه عوضاً عنه.

 

الإطار القانوني:

  • التزامات المجموعات المسلحة من غير الدول وفقاً للقانون الدولي:

في سياق القانون الدولي الإنساني النافذ على المناطق التي تتناولها هذه المراسلة، ينظم هذا القانون القضايا المرتبطة بشكل كافٍ بالنزاع المسلح القائم. تمارس المجموعات المسلحة من غير الدول السيطرة على السكان المدنيين بحكم وجود نزاع مسلح تنخرط فيه تلك المجموعات في النزاع ضد الدولة. بناءً على ذلك، ينطبق القانون الدولي الإنساني لحماية هؤلاء السكان من ممارسة السلطة التعسفية من قبل أطراف النزاع في ظل غياب أو تعطيل الحماية التي يفترض أن تكون ممنوحة لهم بحكم القانون الوطني.[7] وبالتالي فإن المجموعات المسلحة من غير الدول مُلزمة بمجموعة من القواعد القانونية التعاقدية والعرفية في تعاملها مع المدنيين خلال النزاع المسلح ومن ضمن ذلك وعلى الأقل “الحماية المقدمة للجرحى والمرضى؛ حماية المستشفيات؛ مبدأ المعاملة الإنسانية؛ حظر العقوبات الجماعية والنهب والانتقام؛ وأخذ الرهائن؛ حظر الترحيل والنقل القسري؛ والحق في الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات القضائية”.[8]

على الجانب الآخر، فعلى الرغم من أن الدول هي المسؤولة الأولى عن احترام وحماية وإنفاذ حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي، هناك دعم متزايد للموقف القائل أن المجموعات المسلحة من غير الدول التي تسيطر على أراضٍ وبالتالي السكان، تتحمل التزامات القانون الدولي لحقوق الإنسان من اجل تجنب حدوث فجوة حماية.[9] وقد أيدت الأمم المتحدة هذا الموقف.[10] كما أشار مجلس حقوق الإنسان إلى “أنه يُعتبر على نحو متزايد أن الجهات الفاعلة من غير الدولة يمكن أن تكون ملزمة، في ظل ظروف معينة، بالقانون الدولي لحقوق الإنسان”.[11] كما خلص خبراء حقوق الإنسان في الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان في بيانهم إلى أنه “يتعين، كحدّ أدنى، على الجهات الفاعلة المسلحة من غير الدولة التي تمارس وظائف شبيهة بوظائف الحكومة أو تسيطر بحكم الأمر الواقع على أراضٍ وسكان، احترام حقوق الإنسان الخاصة بالأفراد والمجموعات وحمايتها”.[12]

  • التعذيب والمعاملة اللاإنسانية:

يعتبر حظر التعذيب والعقوبة أو المعاملة القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة من القواعد الآمرة في القانون الدولي (jus cogens)، ولا يخضع هذا الحظر في هذا السياق لأي تبريرات أو قيود أو ذرائع متعلقة بالشخصية القانونية للجهة المعنية. فالحظر مطلق في زمن السلم والحرب، وينطبق على الجميع دون استثناء.

وفي هذا السياق، تحظر المادة المشتركة الثالثة من اتفاقيات جنيف المنطبقة خلال النزاعات المسلحة غير الدولية، المعاملة القاسية والتعذيب وكذلك الاعتداء على الكرامة الشخصية (المعاملة اللاإنسانية)، ولا سيما المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، وهذا الحظر يعتبر انعكاساً للقانون الدولي الإنساني العرفي.[13] والجدير بالذكر، أن مفهومي التعذيب والمعاملة اللاإنسانية المحظورين خلال النزاعات المسلحة لا يتطلبان مشاركة أو وجود مسؤول حكومي أو أي شخص آخر له سلطة في عملية التعذيب[14] على غرار ما تفرضه اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وبالتالي، يتحمل أفراد وقادة المجموعات المسلحة بصفتهم، تلك المسؤولية القانونية لارتكاب الأفعال التي ترقى للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية دون الحاجة للمجادلة حول مسؤولية الدولة في ذلك. وارتكاب التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية خلال النزاع المسلح غير الدولي يترتب عليه مسؤولية جنائية فردية في حال استوفى الفعل أركان جريمة حرب التعذيب أو المعاملة  اللاإنسانية كما ورد في مواثيق المحاكم الجنائية الدولية.[15] وتجدر الإشارة إلى أن واجب المعاملة الإنسانية ينطبق في جميع الظروف ولا يخضع للضرورة العسكرية أو للتقيّد المتبادل من قبل الطرف الآخر في النزاع.[16]

كما تنص المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. وبالمثل، تلزم المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب الدول الأطراف بالامتناع عن أعمال التعذيب واتخاذ تدابير تشريعية وقضائية وإدارية فعالة لمنع أعمال التعذيب على أراضيها. تُلزم المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب الدول الأطراف بحظر ومنع الأفعال الأخرى للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا ترقى إلى مستوى التعذيب في نطاق ولايتها القضائية. وتنص المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.

وتنص المادة 2 (2) من اتفاقية مناهضة التعذيب على أنه “لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية، سواء كانت حالة حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أي حالة طوارئ عامة أخرى، كمبرر للتعذيب”. وبالمثل، توضح المادة 4 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الالتزام المنصوص عليه في المادة 7 (حظر التعذيب) لا يمكن الانتقاص منه في أوقات الحرب أو أي نوع من حالات الطوارئ العامة.

  • الحرمان التعسفي من الحرية:

يُعتبر الحرمان التعسفي من الحرية محظوراً كأحد قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي،[17] وينطبق التماثل من القانون النافذ على النزاع المسلح الدولي وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبناءً على ذلك، يجب أن يكون الحرمان من الحرية مشروعاً في القانون النافذ، ومستوفياً للإجراءات الأساسية وأهمها: وجوب إبلاغ الشخص الذي يُلقى القبض عليه بأسباب توقيفه، وجوب إحضار الشخص الموقوف بتهمة جنائية أمام قاضِ، ودون إبطاء، ووجوب توفير فرصة للشخص المحروم من حريته للطعن بقانونية الاحتجاز.[18] وفيما يخص مشروعية أسباب الحرمان من الحرية، يُستشهد عادة بالموجبات المفروضة خلال النزاع المسلح الدولي لجهة أن تقتصر أسباب هذا الحرمان على الضرورة القصوى في حال لم يكن ذلك لأسباب جنائية.[19] بالإضافة إلى ذلك، وبغض النظر عن أسباب الحرمان من الحرية، يبقى جميع أطراف النزاع مُلزَمين بمعاملة جميع الأشخاص تحت سيطرتهم بإنسانية ودون تمييز على أي أساس وفقاً للفقرة الأولى من المادة الثالثة المشتركة.

وفي سياق القانون الدولي لحقوق الإنسان، تحظر المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أعمال الاعتقال أو الاحتجاز أو النفي التعسفي. تحمي المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق الأفراد في الحرية والأمن. وتنص كذلك في الفقرة 4 على أن “لكل شخص حرم من حريته بالاعتقال أو الاحتجاز الحق في رفع دعوى أمام محكمة لكي تبت تلك المحكمة دون إبطاء في مشروعية احتجازه، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاحتجاز غير قانوني”.

في التعليق العام رقم 35، تناولت لجنة حقوق الإنسان مدى انطباق المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حالات النزاع المسلح، نظرًا لأن القانون الدولي الإنساني ينظم احتجاز مقاتلي العدو والمدنيين بشكل مختلف. أوضحت لجنة حقوق الإنسان أن “المادة 9 [من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية] تنطبق أيضًا في حالات النزاع المسلح” وأن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان مجالان قانونيان متكاملان، ولا يستبعد أحدهما الآخر.

علاوةً على ذلك، في حين أن المادة 9 لم يتم تضمينها كبند غير قابل للتقييد بموجب المادة 4 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أن هناك حدًا لسلطة الدولة في التقييد. وأي استثناء من المادة التاسعة (وهو ما لم يحدث في الوضع في سوريا) يجب أن يكون “مقتضيات صارمة لمقتضيات الوضع الفعلي”. وأخيراً، “إذا تم التذرع، في ظل الظروف الأكثر استثنائية، بتهديد حالي ومباشر وحتمي لتبرير احتجاز الأشخاص الذين يُعتبر أنهم يمثلون مثل هذا التهديد، فإن عبء الإثبات يقع على عاتق الدول الأطراف لإثبات أن هذا الفرد يشكل مثل هذا التهديد وأنه لا يمكن معالجته بتدابير بديلة، ويزداد هذا العبء مع طول مدة الاحتجاز. ويتعين على الدول الأطراف أيضاً أن تثبت أن الاحتجاز لا يدوم لفترة أطول مما هو ضروري فعلاً، وأن المدة الإجمالية للاحتجاز المحتمل محدودة، وأنها تحترم بالكامل الضمانات المنصوص عليها في المادة 9 في جميع الحالات.

بحكم الإجماع المتزايد حول مسؤولية المجموعات المسلحة من غير الدول حول احترام وحماية حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، تنطبق الأحكام الواردة أعلاه على فصائل “الجيش الوطني السوري” نظراً لواقع السيطرة المستمرة لتلك الفصائل على ما تُسمى بمناطق “نبع السلام” بالإضافة إلى مناطق “غصن الزيتون”، وقيامها بوظائف تشبه وظائف الحكومة.

 


[1] U.S. Department of the Treasury, Treasury Sanctions Syrian Regime Prisons, Officials, and Syrian Armed Group, 28 July 2021 (Available at: https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0292).

[2] U.S. Department of the Treasury, Treasury Sanctions Two Syria-Based Militias Responsible for Serious Human Rights Abuses in Northern Syria, 17 August 2023 (Available at: https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy1699).

[3]  أسلوب التعذيب المعلق، ويسمى أيضاً بـ “البلانكو”، ويقوم على ربط السجانين للمعتقلين وتعليقهم من معاصمهم بحبل يتدلى من السقف، وقد تلامس رؤوس أصابع أقدامهم الأرض فتتعرض لضغط كبير أو يبقون معلقين في الهواء ليضغط ثِقل أجسادهم بالكامل على معاصمهم، ما يؤدي لتورمها مع ألم شديد. وقد يبقى الموقوف معلقا لساعات أو لأيام مع تعرضه للضرب الشديد.

[4] التعذيب بطريقة الفروج: تُربط يدا المعتقل مع قدميه، ثم يُعلق منهما على عمود خشبي أو معدني ويُرفع عن الأرض في طريقة تحاكي شواء الدجاج، ويترافق ذلك مع ضرب المعتقل على مختلف أنحاء جسده.

[5] أنظر على سبيل المثال: الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، A/HRC/45/31، 14 آب/أغسطس 2020، الفقرات 46-64.

[6] أنظر على سبيل المثال: رابطة “تآزر” للضحايا: أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي، 19 كانون الثاني/يناير 2023.

[7] Official Records of the Diplomatic Conference on the Reaffirmation and Development of International Humanitarian Law applicable in Armed Conflicts, Vol. 8, CDDH/I/SR.22, Geneva, 1974–77, p. 201.

[8] Sivakumaran, The Law of Non-International Armed Conflict, (Oxford University Press, 2012), p 530.

[9] Committee Against Torture, 20th Sess., GRB. v Sweden, Communication No. 83/ 1997, UN. Doc. CAT/C/20/D/83/1997 (19 June 1998); Sheekh v Netherlands, App. No. 1948/04, HUDOC at 45 (11 January 2007); UN Secretary-General, Report of the Secretary-General’s Panel of Experts on Accountability in Sri Lanka, 243 (31 March 2011), p 188; Darragh Murray, Human Rights Obligations of Non-State Armed Groups (Hart Publishing, 2016).

[10] OHCHR, ‘International Legal Protection of Human Rights in Armed Conflict’, Geneva and New-York (2011), pp 23-27 (Available at: https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/HR_in_armed_conflict.pdf).

[11] Ibid. p. 24.

[12] OHCHR, Joint Statement by independent United Nations human rights experts on human rights responsibilities of armed non-State actors, 25 February 2021 (Available at: https://www.ohchr.org/en/press-releases/2021/02/joint-statement-independent-united-nations-human-rights-experts-human-rights?LangID=E&NewsID=26797).

[13]القاعدة 90 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول القانون الدولي الإنساني العرفي.

[14] ICTY, Kunarac Trial Judgment, 2001, para. 496, confirmed in Appeal Judgment, 2002, para. 148. See also Simić Trial Judgment, 2003, para. 82; Brđanin Trial Judgment, 2004, para. 488; Kvočka Appeal Judgment, 2005, para. 284; Limaj Trial Judgment, 2005, para. 240; Mrkšić Trial Judgment, 2007, para. 514; Haradinaj Retrial Judgment, 2012, para. 419; and Stanišić and ŽupljaninTrial Judgment, 2013, para. 49.

[15] نظام روما الأساسي، المادة 8 (ج)(1) و(2)؛ ميثاق المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، المادة 2(ب)؛ المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، المادة 4.

[16] ICRC 2020 Commentary on Common Article 3, para 596.

[17] القاعدة 99 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول القانون الدولي الإنساني العرفي.

[18] انظر على سبيل المثال، لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 35 عام 2014.

[19] على سبيل المثال، المادتان 42 و78 من اتفاقية جنيف الرابعة.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق اقرا المزيد