بتاريخ 7 شباط/فبراير 2022، نشر المجلس المحلي لمدينة رأس العين التابع للحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف السوري المُعارض، صوراً تُظهر مراكز قام بتخصيصها لبيع مادة “الخبز” في المدينة، تبيّن إنّ أحداها على الأقل تقع في منزل يعود لأحد النازحين قسرياً، كان قد تمَّ الاستيلاء عليه في سياق عملية “نبع السلام” التركية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019.
يقع “مركز بيع الخبز – رقم 5” في حي “روناهي” في رأس العين/سري كانيه، ضمن منزل ومحلات[1] “جاسم سمعو”، وهو أحد المدنيين الكُرد الذين اضطروا للنزوح قسرياً نتيجة العملية العسكرية التركية، ويقيم مع عائلته في مخيم “واشو كاني/التوينة” في مدينة الحسكة.
تناوب الجهات التي استولت على المنزل:
منذ احتلال مدينة رأس العين/سري كانيه نتيجة عملية “نبع السلام” التركية، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، تناوبت القوات التركية وفصائل من “الجيش الوطني السوري” المُعارض، وأخيراً المجلس المحلي لمدينة رأس العين في الاستيلاء على منزل المدني النازح قسرياً واستثماره.
“زهرة سمعو” ابنة مالك المنزل المُستولى عليه، والنازحة مع عائلتها قسرياً إلى أحد مخيمات النازحين في الحسكة، قالت لـ “تآزر – Hevdestî”، إن فصائل من “الجيش الوطني السوري” تناوبت الاستيلاء على منزلهم، عقب العملية العسكرية التركية، وذلك بعد نزوحهم من المدينة نتيجة احتلالها من قبل تركيا والفصائل المدعومة منها، وتابعت حديثها:
“عقب احتلال المدينة، حولت فرقة (السلطان مراد) منزلنا إلى نقطة طبية، بعدها بفترة قصيرة استولى عليه شخص مسلّح من فرقة المعتصم وحوله إلى متجر لبيع أنواع مختلفة من الطيور، وفي أواخر عام 2020 استوطنت في منزلنا عائلة من ريف دير الزور“.
وأضافت “سمعو” أن عناصر من قوات الاستخبارات التركية، ومع مطلع عام 2021، قاموا بالاستيلاء على المنزل واغلقوه بالكامل، كما منعوا الاقتراب منه، وأكملت شهادتها قائلة:
“لم نعرف السبب وراء استيلاء الاستخبارات التركية على المنزل، كل ما نعلمه أنه بقي مغلقاً نحو عام، قبل أن نسمع بأن محلاتنا ضمن الطابق السفلي من المنزل قد تمَّ تحويلها إلى مركز لبيع مادة الخبز، وذلك من دون إبلاغنا أو الحصول على موافقتنا”.
خشية من العودة:
بحسب “سمعو” فإن عائلتها تخشى العودة إلى رأس العين/سري كانيه في ظل سيطرة تركيا و “الجيش الوطني السوري” الذي تدعمه “أنقرة” على المدينة، وبررت ذلك بالقول:
“لن نعود إلى المدينة أبداً في ظل احتلالها من قبل تلك الجماعات التي لا تتوانى عن ارتكاب الانتهاكات بحق السكان، ولا سيما الكُرد، فيما يظهر أنه تدبير ممنهج لدفع السكان إلى الهجرة وعدم العودة إلى المدينة مجدداً، حيث أن هذا الاستيلاء غير الشرعي على ممتلكاتنا من قبل الفصائل التي تدعمها تركيا، متكرر منذ بداية الهجوم التركي، دون أدنى محاسبة“.
ووثقت رابطة “تآزر – Hevdestî” للضحايا في شمال وشرق سوريا، استيلاء فصائل “الجيش الوطني السوري” على أكثر من 5,500 منزل سكني و1,200 محل تجاري في رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، منذ احتلال المنطقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
أدت عملية “نبع السلام” التركية إلى تهجير ما يقارب 175 ألف شخص، بينهم أكثر من 80 ألف طفل من المنطقة الممتدة بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، حيث تشير المعلومات التي جمعتها رابطة “تآزر” إلى أن أقل من 15% فقط من سكان رأس العين/سري كانيه الأصليين عادوا إلى المنطقة عقب احتلالها، في حين تمَّ توطين أكثر من ألفي عائلة في منازل وممتلكات النازحين والمُهجرين قسرياً، من بينها عائلات مسلحي “الجيش الوطني السوري” المُعارض.
وجمعت رابطة “تآزر” خلال العامين الماضيين مئات الشهادات حول الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي أولتها “أنقرة” إدارة مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض وأريافهما، تتعلق بالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وعمليات الابتزاز والاتاوات، والاستيلاء على الأراضي والممتلكات، بدون وجود أي رادع لها.
[1] احداثيات موقع المنزل والمحلات المستولى عليها: 36°51’06.4″N 40°04’32.9″E