تقوم الأمم المتحدة بمراجعة حالة حقوق الإنسان في دولها الأعضاء، البالغ عددهم 193 دولة، كل خمسة سنوات؛ معتمدةً آلية “الاستعراض الدوري الشامل” (UPR) للتحقق من السجلات الحقوقية لكل دولة. دعماً لعمل الآلية، قدمت سبع منظمات هذا العام نتائج توصلت إليها خلال عملها على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في سوريا، ليتم مراجعتها خلال الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للجمهورية العربية السورية في كانون الثاني/يناير 2022.
ركزت المنظمات المشاركة في تقريرها على ثلاث فئات رئيسية من الانتهاكات التي تواصل الحكومة السورية الضلوع بها: الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، حرمان الأفراد من حقهم في الجنسية، ممارساتهم الهوياتية، والملكية، واستمرار التمييز ضد الأقليات العرقية والثقافية.
شهدت الفترة التي يغطيها الاستعراض الدوري الشامل هذه الدورة، استمرار أنماط، كانت ولا تزال مثار قلق، من حالات الاختفاء القسري التي بدأت الحكومة بارتكابها مع بداية النزاع المسلح في سوريا؛ فيما توصلنا إلى أن السلطات المخولة من الحكومة أهملت في كثير من الأحيان الإجراءات المنصوص عليها عند تنفيذ عمليات الاعتقال، فقد احتجزت هذه السلطات أفراد لأشهر، وسنواتٍ حتى، دون توجيه اتهامات رسمية للمعتقلين، هذا وقد كشفت تقارير مدعين عامين ومحامي دفاع اعتماد وكلاء الدولة سياسات التخويف والعرقلة، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة ممارسة نفوذها السياسي على المحاكم.
متجاهلةً الانتقادات المتكررة، تواصل الدولة أيضاً انتهاك حقوق الأفراد في المواطنة والهوية والملكية. على سبيل المثال، لا يسمح قانون الجنسية السورية حالياً للمرأة بنقل جنسيتها إلى أطفالها، ولا يزال الوصول إلى تسجيل المواليد محدوداً، ما يجعل من انعدام الجنسية احتمال وارد على نطاق واسع، مع الأخذ بعين الاعتبار ملايين الأطفال السوريين الذين ولدوا لآباء غائبين أو في المنفى.
أخيراً، سلطت المنظمات المشاركة الضوء على استمرار التمييز ضد الأقليات العرقية في سوريا، حيث سنت الدولة قوانين ومراسيم تمييزية ضد الكرد، منها الأمر رقم 122، الصادر عام 1992 عن وزير الداخلية، والذي يحظر تسمية الأطفال الكرد بأسماء كردية، وجعل تسجيل المواليد منوطاً بالأجهزة الأمنية، فيما لا يزال ما يقرب من 46 ألف من الكرد السوريين محرومون من الجنسية.
لهذه الانتهاكات الحقوقية التي أبلغت عنها منظماتنا، وغيرها، أثراً بالغاً على سلامة وحريات الشعب السوري، وعلى عملية السلام في سوريا كذلك، والتي أصبحت صعبة المنال. بناء عليه، نوصي مندوبي الأمم المتحدة بالضغط على الدولة السورية من أجل:
- إنهاء ممارسات الاختفاء القسري والاعتقال والاحتجاز التعسفيين وجميع أشكال التعذيب.
- دعم حق الفرد في الدفاع، متضمناً الحق في الاستعانة بمحام ٍ والتمثيل القانوني، من لحظة الاعتقال وحتى انتهاء المحاكمة.
- توفير الوصول إلى السجون ومراكز الاحتجاز، لا سيما تلك غير القانونية والتي يتعذر على المجتمع الدولي الوصول إليها حالياً، بما في ذلك هيئات الأمم المتحدة، مثل لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، منظمات حقوق الإنسان الدولية والإنسانية المعنية؛ وذلك ليتم التعرف على المعتقلين بشكل دقيق، بالإضافة إلى توثيق حالات وأنماط التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء.
- إصدار تشريعات تسهل عملية تسجيل الجنسية وتمنح اللاجئين والنازحين الوقت الكافي لاستكمال عملية التسجيل حال رغبتهم في العودة إلى سوريا؛ وكذلك تنفيذ تدابير رقابية فعالة لضمان عدم رفض السلطات المحلية أو إطالتها أمد طلبات الجنسية بشكل تعسفي.
- إنهاء ممارسات الاستيلاء التعسفي على الممتلكات بناء على ذريعة المعارضة سياسية.
- إقرار المساواة بين جميع السوريين، بغض النظر عن العرق، بما يتوافق مع الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
- إجراء مراجعة للقوانين الوطنية وإلغاء أي أحكام تميّز بشكل مباشر أو غير مباشر ضد الكرد والأقليات العرقية الأخرى.
- تعديل المادة 3 (أ) من قانون الجنسية السوري للسماح للأمهات بنقل جنسيتهن إلى أطفالهن.
المنظمات المساهمة:
- المدافعون عن حقوق الإنسان
- سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
- رابطة “تآزر – Hevdestî” للضحايا في شمال شرق سوريا
- منظمة حقوق الإنسان في سورية (MAF)
- المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (DAD)
- منظمة بيل ـ الأمواج المدنية (PÊL)
- منظمة (GAV) للإغاثة والتنمية
- ومنظمة شار للتنمية
لقراءة التقرير المشترك المقدّم لآلية الاستعراض الدوري الشامل 2022 بصيغة ملف PDF (24 صفحة) أضغط هنا.