منذ أيام، شنت فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومة من تركيا هجوماً على مدينة منبج، التي لطالما جمعت الكُرد والعرب معاً. هذا الهجوم، الذي كان جزءاً من الحملة العسكرية “فجر الحرية”، أدى إلى السيطرة على المدينة وتسبب بمقتل العشرات، بينهم مدنيون، وسط تصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
وثقت رابطة “تآزر” الانتهاكات التالية، التي ارتكبتها الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، أثناء الهجوم وبعد السيطرة على المدينة:
-
إعدام الأسرى والجرحى:
تمّ توثيق إعدام ميداني لجريحين من قوات “مجلس منبج العسكري” كانوا يتلقون العلاج في مستشفى قرب دوار المطاحن، بعد محاصرة المستشفى ومنع إجلاء المصابين. بالإضافة إلى إعدام ميداني لعدد كبير من الأسرى بالرصاص في أماكن متفرقة من المدينة، دون أي محاكمة أو إجراءات قانونية.
-
قتل المدنيين وإهمال الجثث:
انتشار جثث المدنيين في الشوارع دون اتخاذ أي إجراءات لدفنهم أو تسليمهم لذويهم، بينها عائلات بأكملها تمّ قتلها داخل سياراتها خلال الاشتباكات، وترك الجثث مكشوفة في الطرقات، كما أبلغ شهود عن سرقة أسلحة وهواتف من جثث المقاتلين المرمية في الشارع.
-
استهداف عرقي ونهب ممتلكات الكُرد:
نزح معظم المدنيين الكُرد بسبب الخوف من القتل والاعتقال، بينما بقي البعض محاصرين خشية التعرض للانتهاكات عند خروجهم. كما شهدت المدينة عمليات نهب واسعة النطاق استهدفت المؤسسات العامة وممتلكات المدنيين الخاصة، بما في ذلك المنازل، المحلات التجارية، والسيارات.
-
اعتقال وابتزاز:
اعتقال عدد كبير من المدنيين، بينهم موظفين وموظفات في المؤسسات المدنية التابعة للإدارة الذاتية، كما داهمت مجموعات الجيش الوطني منازل الكرد، واعتدت على من بقي فيها، بما في ذلك مداهمة منزل الطبيب الكُردي “علي والي”، والاعتداء عليه وعلى زوجته بالضرب، قبل سرقة مبلغ 20 ألف دولار من منزله.
-
الفوضى وانعدام الأمن:
حالة من الفوضى والذعر اجتاحت المدينة، مع انتشار السرقات والانتهاكات، ما دفع بعض السكان إلى النزول للشوارع في محاولة يائسة لحماية أنفسهم وأسرهم.
-
سجل حافل بالانتهاكات الحقوقية:
يقود قوات الجيش الوطني التي أطلقت العملية المسماة “فجر الحرية” مجرمين ممن تمّ إدراجهم سابقاً في قوائم العقوبات الصادرة عن “وزارة الخزانة الأمريكية” بسبب تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاختفاء القسري، ونهب الممتلكات. من أبرز هؤلاء القادة أبو عمشة (محمد الجاسم) قائد “فرقة السلطان سليمان شاه” (المعروفة بـ “العمشات”)، وسيف بولاد (المعروف بـ “سيف أبو بكر”) قائد فرقة الحمزة، وقد ضهرا في مقاطع مصورة داخل مدينة منبج في اليوم الأول من الهجوم عليها.
دعوة للعدالة ووقف الانتهاكات:
ما يحدث في منبج ليس مجرد اشتباك عسكري، بل انتهاك جسيم لحقوق الإنسان يستهدف المدنيين بشكل خاص، ويمهد لتهجير قسري ممنهج. إن هذه الجرائم تستدعي تحقيقاً دولياً مستقلاً ومحاسبة المسؤولين عنها، كما أن حماية المدنيين يجب أن تكون أولوية قصوى.
الهجوم الأخير يأتي كجزء من سلسلة اعتداءات لم تتوقف على مناطق شمال شرق سوريا، التي يعيش فيها الكُرد والعرب والأقليات الدينية والإثنية والقومية جنباً إلى جنب، كما تحتضن أكثر من مليون نازح داخلي.
ويجري ذلك في لحظات تاريخية تنفّس فيها ملايين السوريين/ات الصعداء مع سقوط نظام الأسد، ودعت فيها الأمم المتحدة جميع الأطراف المسلحة إلى ضبط النفس ووقف التصعيد، حيث أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، على أهمية الحفاظ على القانون والنظام، حماية المدنيين، واحترام المؤسسات العامة. كما شدّد على ضرورة إعطاء الأولوية للحوار، داعياً إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان كخطوة أساسية لإعادة بناء المجتمع السوري.
نطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات، وضمان سلامة المدنيين، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة.
منبج ليست ساحة حرب. منبج هي موطن للسلام والتعايش. أوقفوا العنف.