في لحظة تاريخية تنفّس فيها ملايين السوريين والسوريات الصعداء مع سقوط نظام الأسد، تظهر في الأفق تصعيدات خطيرة شمالي سوريا. في مدينة منبج، التي لطالما جمعت الكُرد والعرب، اندلعت اشتباكات دامية نتيجة هجوم فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعومة من تركيا على “قوات سوريا الديمقراطية”. وقد أسفر الهجوم الأخير على المدينة عن مقتل العشرات، بينهم مدنيون، وترافق مع اعتقالات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛ دفعت الآلاف للنزوح القسري، بما في ذلك معظم السكان الكُرد.
من جهة أخرى، قُتل 11 مدني/ة، بينهم 6 أطفال، وأصيب آخرون نتيجة الهجوم بطائرة مسيرة تركية على قرية “المستريحة” في بلدة “عين عيسى” شمالي الرقة، كما وقع ضحايا آخرون جراء قصف تركي على قرى بلدة أبو راسين بريف الحسكة الشمالي.
تأتي هذه الهجمات في وقت دعت فيه الأمم المتحدة والعالم جميع الأطراف المسلحة إلى ضبط النفس ووقف التصعيد. وأكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، على أهمية الحفاظ على القانون والنظام، حماية المدنيين، واحترام المؤسسات العامة. كما شدّد على ضرورة إعطاء الأولوية للحوار والوحدة الوطنية، داعياً إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان كخطوة أساسية لإعادة بناء المجتمع السوري.
في ظل هذه التطورات، وبينما يحتفل الكثيرون بمرحلة جديدة من الحرية، نتساءل: من سيوقف هذا العنف؟ سوريا الجديدة التي نحلم بها لا تُبنى على القصف والخوف والنزوح. لا يجوز أن تعيش أي جماعة أو أقلية تحت وطأة الرعب أو تواجه خطر التهجير القسري.
إننا أمام لحظة فارقة تتطلب جهوداً جماعية نحو بناء وطن يضمن حقوق جميع مكوناته دون تمييز، ويوقف نزيف الدم المتجدد. يجب أن يتوقف هذا العنف الآن، وأن تُصاغ رؤية مشتركة لسوريا عادلة وآمنة للجميع. لنكن جميعاً أصواتاً للسلام والعدالة لكل السوريين والسوريات.