الرئيسية الأخبار مراسلة مشتركة إلى الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة حول أزمة المياه في شمال شرق سوريا

مراسلة مشتركة إلى الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة حول أزمة المياه في شمال شرق سوريا

تطالب المنظمات الموقعة على هذه الشكوى الأمم المتحدة باتخاذ التدابير اللازمة من أجل إيجاد حلّ عاجل ومستدام لأزمة المياه في شمال شرق سوريا والأخذ بعين الاعتبار الحقائق الواردة في هذه الورقة والتوصيات المشتركة

بواسطة editor
338 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

مراسلة موجّهة إلى عناية حضرات:

  1. المقرر الخاص المعني بالحق في المياه وخدمات الصرف الصحي.
  2. المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً.
  3. المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة.
  4. المقرر الخاص المعني بالحق في الصحّة.
  5. المقرر الخاص المعني بالحقّ في الغذاء.

تسعى هذه المساهمة المشتركة ما بين منظمات: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بيل – الأمواج المدنية، رابطة تآزر للضحايا، تحالف منظمات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا، منظمة التعاون الإنساني والإنمائي، منظمة مالفا للفنون والثقافة والتعلم ومنصة منظمات المجتمع المدني في شمال وشرقي سوريا، إلى تسليط الضوء على الأسباب الرئيسية خلف أزمة المياه الحادّة والمستمرة في شمال شرق سوريا، ولفت نظر الإجراءات الخاصة المعنية في الأمم المتحدة إلى تلك الأزمة والتداعيات على السكان، بمن فيهم النازحون داخلياً، وانتهاك حقهم بالحصول على مياه صالحة للشرب والحصول على الخدمات الصحية والغذاء، والتي تتحمل عدّة أطراف في النزاع السوري المسؤولية الأساسية عنها.

تطالب المنظمات الموقعة على هذه الشكوى، الأمم المتحدة باتخاذ التدابير اللازمة من أجل إيجاد حلّ عاجل ومستدام لأزمة المياه في شمال شرق سوريا، آخذة بعين الاعتبار الحقائق الواردة في هذه الورقة والتوصيات المشتركة المرفقة.

 

1. تمهيد:

لقد أدّى تقاطع العوامل الطبيعية؛ مثل الجفاف وقلّة الأمطار، مع الممارسات غير القانونية التي قامت بها أطراف محلّية ودولية متدخلة في النزاع السوري، إلى شحٍ حاد في مصادر المياه، أدّى في نهاية المطاف إلى حرمان المجتمعات المحلية في المنطقة من حقها في الوصول والحصول على مياه كافية ومأمونة. ذلك الحقّ الذي أكّدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (64/292)، مقرةً بأن “الحق في الحصول على مياه شرب مأمونة ونقية والصرف الصحي حق من حقوق الإنسان ولا بدّ منه للتمتع التام بالحياة وجميع حقوق الإنسان.” ووُصِف في أوراق أممية أخرى كأحد الشروط الأساسية لعيش حياة كريمة، و شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى.[1] 

وبدوره، كرّس مجلس حقوق الإنسان هذا الحق في قراره رقم (15/9)، موضحًا بأن هذا الحقّ “مستمد من الحقّ في مستوى معيشي لائق، ومرتبط ارتباطاً لا انفصام له بالحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والنفسية، فضلاً عن الحق بالحياة والكرامة الإنسانية.”

 

2. خلفية:

يعتمد قطاع شمال شرقي سوريا على ثلاثة مصادر للمياه، سواءً تلك المستخدمة للشرب أو الاستعمالات المنزلية أو الزراعية أوغيرها من الاستخدامات. فبالإضافة إلى مياه الأمطار والمياه الجوفية، اعتُبرت الأنهار عصب الحياة في المنطقة تاريخياً، ليخصّ هذا الوصف نهر الفرات وحده اليوم، بعد أن انحسرت مياه نهر الخابور، الموسمية أساساً، وجرى قطع ما تبقى منها خلال السنوات القليلة الماضية. تخدم مصادر المياه هذه المجتمعات المحلية والمهجّرين داخلياً، حيث تغطي احتياجات ما يقدّر بـ 4,800,000 مستفيد/ة،[2] من ضمنهم  655,000 نازح داخلياً.[3]

في عام 2023، سجلت محافظة الحسكة معدلات هطول أمطار قدرت على أنها أقل ب 60%  من المتوسط الموثق خلال السنوات الثلاثة الماضية،[4] لتتوافق هذه النسبة مع  إنذار الجفاف الذي  أصدره “المرصد العالمي للجفاف” (GDO) بخصوص شرق سوريا في نيسان/أبريل 2021؛ عامها، سجلت محافظة الحسكة انخفاضاً حاداً مقارنةً بالمتوسط الشهري طويل الأجل (80 مم)، المحتسب خلال الأعوام ما بين 1981 و 2010.[5]

تُنذر هذه النسب بأن المنطقة ستشهد ازدياداً في موجات الجفاف وحدّتها، جالبةً معها المزيد من التحدّيات للسكان وقطاع الزراعة، لاسيما وأن الأمطار مسؤولة كذلك عن تغذية المياه الجوفية والأنهار الرئيسية/الموسمية؛ هذا وقد أسهمت سنوات من الأعمال العدائية في المنطقة بتزايد حدّة ظواهر التغير المناخي، حيث أدّت الزيادة في انبعاثات غازات الدفيئة إلى تعزيز الاحترار المحلي وحبس الأمطار في الغيوم.[6]

بالتزامن مع انخفاض منسوب الأمطار في الحسكة، سجل القطاع بأكمله تراجعاً ملحوظاً بمستويات المياه الجوفية، حيث تُظهر البيانات المجموعة من تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2022، أن بعض مناطق القطاع شهدت مستويات أقل بخمس مرات من المعتاد، مقارنةً بالمتوسط طويل الأجل.[7] تقف موجات الجفاف خلف هذا الهبوط، حيث تضاءلت نسب المياه الجوفية مع تقلص معدلات الأمطار والزيادة المتصاعدة في استهلاك مخزونها.

هذا وقد عمد سكان المنطقة إلى حفر الآبار الجوفية لسدّ فجوة الاحتياج الناجمة عن انخفاض منسوب مياه الأنهار، وكذلك قطع مياه محطة علوك، في ريف رأس العين/سري كانيه؛ في آواخر 2022، منعت السلطات المحلية في المنطقة السكان من حفر الآبار، حفاظاً على المياه الجوفية، دون توفير بديل مستدام، سوى مياه الصهاريج، التي يشتكي المستفيدون من أنها توزع بشكل غير عادل.[8]

هذا وكان لأزمة المياه تداعيات سلبية على قطاعات الزراعة وتربية المواشي والطاقة؛ حيث تشير احصاءات تمّ جمعها خلال عام 2021 إلى أن نسبة الأراضي المزروعة تراجعت إلى 53% فقط، بسبب ضعف الموارد المائية وهجرة المزارعين أراضيهم، فيما كان لانحسار قطاع الزراعة أثراً على الثروة الحيوانية،  حيث تراجعت نسبة تربية المواشي بحدود 39% عام 2020 مقارنة بعام 2008، لصعوبة تأمين العلف والأدوية البيطرية. وكذلك كان لانخفاض منسوب نهر الفرات نتائج كارثية على نتاج المحطات الكهرمائية، حيث تقلصت قدرات توليد الطاقة بنسبة تفوق 66%، وانخفض المتوسط من 415 ميغاواط  خلال عام 2020 إلى 141 ميغاواط عام 2021.[9]

لهذه العوامل الطبيعية، وشحّ المياه الناجم عنها، أثرٌ عميق على حياة سكان المنطقة؛ حيث جعل غياب أو انعدام خدمات المياه من المنطقة بؤرة للأمراض، خاصةً في غياب الدعم المطلوب وعدم تواني بعض أطراف الصراع عن استخدام المياه كسلاح في أكثر الأوقات حرجاً، كما حصل أثناء فترة جائحة كورونا.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” جميع أطراف النزاع   بضمان الحق في المياه النظيفة والصحة للجميع في سوريا، موثقةً دور السلطات التركية بتفاقم أزمة المياه الحادة التي يُعتقد أنها أدت إلى انتشار وباء الكوليرا القاتل في جميع أنحاء سوريا وانتقاله إلى البلدان المجاورة. حيث لم تضمن السلطات التركية تدفقاً كافياً للمياه من المنبع نحو الجزء السوري من نهر الفرات، ولا إمدادات مستمرة للمياه من محطة علوك، وهي مصدر حيوي للمياه.[10]

وقبلها، في آذار/مارس 2020، سلّطت المنظمة الضوء على استخدام أطراف النزاع “المياه كسلاح”، بعد أن أوقفت السلطات التركية ضخ المياه من محطة علوك عدة مرات منذ مطلع العام. قالت المنظمة، “إن تقاعس السلطات التركية عن ضمان إمدادات مياه كافية لمناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا يضر بقدرة المنظمات الإنسانية على تجهيز المجتمعات الضعيفة لحمايتها، في ظل انتشار فيروس “كورونا” الجديد المسبب لوباء “كوفيد-19” العالمي”، مؤكدةً أنه ينبغي للسلطات التركية بذل كل جهدها لاستئناف توريد المياه من المحطة.[11]

ستتطرق هذه المراسلة بشكل أساسي إلى الوضع الحالي لمحطة مياه علوك، ونهري الفرات والخابور، منوهةً باختصار إلى عوامل أزمة المياه المتعلقة بها، والتي لا يمكن فصلها عن سياق النزاع المسلح، المستمر في سوريا منذ أكثر من 12 عاماً.

بالإضافة إلى ذلك، ستتضمن المداخلة لمحة عن وضع بعض المخيمات غير النظامية في شمال شرق سوريا، والتي يحول بينها وبين المياه الآمنة عائق “الاعتراف الرسمي”، وكذلك التداعيات السلبية لأزمة المياه على صحة سكان المنطقة، خاصةً وأنهم في مواجهة مع موجات الكوليرا المحتملة.

 

3. قطع مياه علوك لأكثر من 36 مرة منذ عام 2019:

في 6 حزيران/ يونيو 2023، قُطِعت مياه محطة علوك في ريف رأس العين/سري كانيه مرة أخرى إلى أن خرجت تدريجياً عن الخدمة، ليصل عدد مرات القطع إلى 36 مرة منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019،[12] وهو الشهر الذي خضعت فيه المنطقة لسيطرة مشتركة ما بين فصائل المعارضة السورية المسلّحة والجيش التركي، حيث لم يتوانَ الطرفان عن قطع مياه المحطة على الرغم من أنها المصدر الوحيد لمياه الشرب لحوالي 800 ألف شخص في الحسكة وأريافها، بالإضافة إلى كونها المصدر الرئيسي لنقل المياه بالشاحنات لمخيمات الهول والعريشة/السّد والتوينة (واشو كاني)، التي تضم عشرات الآلاف من النازحين داخلياً من محافظات ومناطق سوريّة مختلفة. وتمّ توثيق توقف المحطة عن العمل بالكامل ولفترات طويلة تراوحت ما بين أربعة أيام وشهر  متواصل، بالإضافة إلى انقطاعات متكررة أخرى بسبب أعطال كهربائية وأخرى متعلقة بالصيانة.[13]

بالإضافة إلى قطع المياه، استخدمت أطراف النزاع في المنطقة المحطة كورقة ضغط للتوصل إلى اتفاق “الكهرباء مقابل الماء” خلال عام 2022؛ حاولت الإدارة الذاتية وجهات من الحكومة السورية (يتقاسمان السيطرة على مدينة الحسكة) إعادة تفعيل المحطة، بمساعدة القيادة العسكرية الروسية، التي تدخلت لحث القوات التركية على تشغيل المحطة. لكن الأخيرة اشترطت صيانة “محطة كهرباء مبروكة” غربي رأس العين/سري كانيه، وتغذيتها بالكهرباء من “سد تشرين” الذي تتم ادارته بشكل مشترك بين الحكومة والإدارة، مقابل تشغيل محطة علوك.[14] وكان الغرض من طلب الصيانة، إمداد المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة من تركيا بالطاقة من محطة المبروكة الكهربائية،[15] التي كانت لا تزال  تحت سيطرة الحكومة والإدارة كجزء من الصفقة الروسية-التركية التي أُبرمت في كانون الأول/ديسمبر2019.[16]

 

4. نهر الفرات:

تبقى الأنهار في صلب أزمة المياه؛ حيث تعتمد سوريا ككل، ومناطقها الشمالية الشرقية، على أنهار تنبع من خارج البلاد، وعلى رأسها نهر الفرات، الذي تتشارك مياهه مع تركيا ثم العراق.

تبلغ نسبة اعتماد سوريا على نهر الفرات 72.36%،  مما يجعلها غير مستقلة مائياً وعرضة لعدم الاستقرار، وتدهور نظمها الإيكولوجية، وهو ما يحدث الآن.[17] حيث أن مستويات مياه نهر الفرات مرتبطة بالتغيرات المناخية في سوريا وتركيا، لتتأثر بتراجع معدلات هطول الأمطار التي تشهدها الأخيرة، فالنهر يستجمع أغلب مياهه من الأمطار في المرتفعات الأرمينية في تركيا، فيما تشير التقديرات إلى تراجع منسوب مياه النهر بمقدار السدس  مع حلول عام 2010، رازحاً كذلك تحت ثقل موجات الجفاف والاستخدام المتزايد.[18] غير أن الاستخدام لا يمكن فصله عن الاتفاقات التي تنظم حصص البلاد الشريكة من النهر وطبيعة هذه الاتفاقات التي تأخذ شكل مفاوضات مفتوحة دون الخروج بأطر رسمية ملزمة.[19]

ففي عام 1987، وقّعت سورية وتركيا “بروتوكولاً بشأن المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي”، تعهدت تركيا في مادته السادسة بأن تسمح بدخول أكثر من 500م3 في الثانية سنوياً إلى سوريا  خلال فترة ملء “خزان أتاتورك”، وتعويض أي انخفاض شهري عن المعدل المتفق عليه في الشهر الذي يليه؛[20] لكن هذه الكمية انخفضت إلى أقل من النصف، ووصلت في فترات معينة إلى 200م3 في الثانية؛[21] حيث انخفض منسوب مياه “سد تشرين” على النهر بمقدار خمسة أمتار  في عام 2021، وسط تخوف من انخفاضه إلى “منسوب الميت”، أي خروجه عن الخدمة تماماً؛ فيما أعاد خبراء هذا التراجع إلى المشاريع الزراعية الضخمة التي أطلقتها تركيا، محذرين أن “الجفاف قادم لا محالة” في سوريا.[22]

حيث تشير دراسات، أن 40% على الأقل من تدفق الفرات قد ضاع بسبب استغلال مياه النهر المفرط منذ عام 1972، وأن واردات الفرات الطبيعية من المنبع ستنخفض حتى نصف بحلول عام 2040، بسبب تسارع الأعمال التنفيذية للمشاريع التركية جنوب شرق الأناضول.[23]

 

5. نهر الخابور:

فيما لم يجري أي تحديث على اتفاق الفرات بين البلدين بسبب وقف تركيا المفاوضات عام 2011، يفتقر نهر الخابور،[24] أكبر روافد  الفرات، لأي اتفاقات خاصة تنظم حصصه أو تحمي وصول المستفيدين إلى مياهه.

في شهر أيار/مايو عام 2021، قُطِعت مياه النهر، الواقع على بعد 80 كيلو متراً في شمال غربي مدينة الحسكة، بشكل كامل، بعد أن شيدت الجماعات المعارضة السورية المسلحة، التي تدعمها تركيا، ثلاثة سدود غير نظامية (سواتر) على مجرى النهر في منطقة رأس العين/سري كانيه، حدث القطع فيما لم تتعافَ المنطقة من فصل الصيف الذي وصف بأنه من الأكثر حرارة في مناطق شمال شرق سوريا.[25]

لقد أدّى تشييد تلك السدود إلى حرمان عشرات الآلاف من المزارعين من سقاية أراضيهم، خصوصاً تلك في القرى القريبة من منطقة تل تمر. واستطاعت المنظمات الشريكة توثيق تأثر أكثر من 46 ألف دونم من الأراضي الزراعية في منطقة تل تمر وحدها جراء قطع مياه النهر، وهو ما أدى بأصحابها إما بترك زراعة عدد من المحاصيل أو تقليل المساحات المزروعة لتخفيف تكاليف الري البديلة عبر استخدام مياه الآبار التي تحتاج إلى محركات ديزيل ومضخات ارتوازية. بالإضافة إلى ذلك حرم أصحاب المواشي من الاستفادة من المساحات الرعوية التي تنبت على أطراف النهر عند جريانه وكذلك من سقاية المواشي العطشى.

وبغرض الحصول على معلومات حديثة عن وضع النهر والسواتر الترابية المنشئة، تواصلت المنظمات الشريكة مع مهندس مدني ومستشار في الدراسات المائية وبناء السدود، والذي قال:

“أطلقت تركيا مياه النهر بعد زلزال شباط 2023، وذلك لتخفيف الضغط عن السدود التي أقامتها على طرفها من النهر، وتحاشياً لأي أضرار قد يخلفها الزلزال على سدودها.”

ونوه المصدر، أن السدود تتمة لمجموعة من الممارسات كانت قد بدأتها تركيا العقد الماضي والتي ساهمت جميعها بجفاف الخابور في الطرف السوري، ومنها حفر الآبار في المنطقة السهلية الممتدة بين أطراف جبل طوروس والحدود مع سوريا، واستخدام المياه في زراعة المنطقة، حيث أن الآبار هذه كانت تحفر في خزان النهر الممتد بين الطرفين السوري والتركي، ولو أن النهر يتغذى على 18 نبعاً، جميعها في سوريا.

أضاف المصدر، أن تدفق النهر انخفض من نحو 60 م3 في الثانية خلال فترة الستينيات إلى 40 متراً مكعباً في السبعينيات، وهكذا إلى أن جف في بداية التسعينيات، مضيفاَ:  “خلال السنوات الماضية، أقدمت تركيا على قطع مياه الجداول والأنهار الصغيرة الدائمة والمؤقتة الجريان التي كانت تصل إلى الطرف السوري، وقد ساهمت إلى جانب انخفاض معدلات هطول الأمطار إلى تحول مناطق الاستقرار في منطقة الجزيرة إلى مناطق شبه صحراوية، حيث وصل الجفاف إلى منطقة الاستقرار الأولى المحاذية للحدود مع تركيا، وقد تراجع انتاج المحاصيل في هذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة، رغم أنها كانت من أخصب المناطق في الجزيرة السورية. وتحمل هذه التغيرات تهديداً بنزوح جماعي لسكان هذه المنطقة نتيجة الجفاف، وتراجع منسوب المياه ومعدلات الأمطار.

 

6. مخيمات غير معترف بها:

هذا ويضعف وصول سكان القطاع إلى المخصصات الضرورية من المياه النظيفة، عاملين إضافيين لا يمكن تجاهلهما. أولاً، الدمار الذي أصاب البنى التحتية، بما فيها شبكات  المياه، جراء العمليات العسكرية؛[26] ثانياً، عدم اعتراف الأمم المتحدة بعدد من مخيمات النازحين في المنطقة، وهو ما يبقيها على هامش المساعدات المائية، ويفاقم من هشاشتها بمواجهة أزمة المياه. بحسب المعلومات التي حصلت عليها المنظمات الشريكة، توجد 6 مخيمات غير معترف بها في مختلف مناطق شمال شرق سوريا؛ اثنان في الحسكة واثنان في الرقة، وآخران في منبج.

تواصلت المنظمات الشريكة مع نازحَين داخلياً، يقيمان في مخيم “تل السمن” غير الرسمي، في ريف الرقة، أكد المصدران أن المخيم يعاني من كمية ونوع المياه المقدمة؛ حيث تتقاسم كل أربع أو خمس عائلات، بغض النظر عن عدد أفرادها، ما مقداره 1000 ليتر يومياً، تستجر من ساقية خارج المخيم وتملأ في براميل داخله، وغالباً ما تكون المياه الموزعة عكرة وغير صالحة للشرب، فـ“عملية التعقيم والفلترة غير جيدة”.

وأضاف المصدران، أن عائلات المخيم  تعاني من الإلتهابات المعوية والإسهال بشكلٍ متكرر، خاصةً خلال فترة الصيف.

تقاطعت كذلك شهادات نازحين داخلياً، مقيمين في مخيم “سري كانيه/الطلائع”، في الحسكة، حيث يعاني سكان المخيم من قلة كميات المياه الموزعة، 100 ليتر يومياً للخيمة أو العائلة الواحدة، وكذلك مع الصرف الصحي، حيث قال أحد المصدرين للمنظمات الشريكة: “نحن نعاني من الصرف الصحي أكثر من معاناتنا مع مشكلة مياه الشرب، ذلك أنه لا توجد قنوات صرف صحي؛ فكل تواليت يصرف من خلال جورة فنية، يجري تفريغها من فترة لأخرى. ونعاني من انتشار الأمراض نتيجة عدم وجود الصرف الصحي.”

 

7. التداعيات الصحية لأزمة المياه:

تجدر الإشارة إلى أن التجليات المفجعة لأزمة المياه، بأسبابها المرتبطة بالعوامل الطبيعية أو المتعلقة بالصراع، وصلت إلى مستويات مهددة للحياة؛ حيث شهد عام 2022، ما فاق 15483 إصابة بمرض الكوليرا، توفي منهم 28 مصاباً، في شمال شرق سوريا، فيما سجلت آخر التحديثات، أن الأعداد وصلت إلى 35745  إصابة في المنطقة.

عزَت جهات عدة انتشار الكوليرا في عموم سوريا، وبالأخص في قطاعها الشمالي الشرقي، إلى أزمة المياه، بما فيها انخفاض منسوب نهر الفرات،[27] واعتماد السكان على المياه البديلة التي تفتقر إلى معايير الأمان.

قال أحد مصابي الكوليرا، مقيم في أحد مخيمات النزوح في الحسكة، لمنظمة سورية محلية مشاركة في هذه المراسلة:[28]

“إنّ المياه التي تدخل المخيم عبر الصهاريج/الخاصة من قبل بعض الأفراد، غير صالحة للشرب ولا تخضع لأي مراقبة صحية، وقد أدت إلى إصابة 11 شخصاً من عائلتنا وحدها بينهم والدتي وأخي.

هذا وتشير تقارير محلية إلى أن المنطقة فيها كل العوامل التي تمهد لتكرار أزمة الكوليرا مستقبلاً، لاسيما وأن منسوب مياه نهر الفرات سيواصل الانخفاض، وسط صعوبات في إيجاد حلٍ طويل الأمد.[29]

هذا وقد خلصت تحليلات لسيناريوهات التدفقات السنوية أنه وباستمرار سيناريو متوسط التدفق 200 م3 بالثانية لأكثر من سنة و105 ايام، ستحصل كارثة بيئية وصحية في عموم المجتمعات المستوطنة في حوضي الفرات الاوسط ( سوريا) والسفلي ( العراق)، وخصوصاً التجمعات البشرية المنتشرة على ضفاف نهر الفرات.[30]

وفي عام 2020، ترافق قطع مياه محطة علوك مع جائحة كورونا، ما حرم سكان المنطقة من أحد أهم وسائل الحماية من العدوى؛ حيث تحدث طبيب إلى منظمة سورية محلية مشاركة في هذه المراسلة حينها، قائلاً:[31]

“وقد أثرت قلة المياه بشكل سلبي على النظافة الشخصية للأشخاص والعائلات، وكذلك نظافة وتعقيم المراكز الصحية والمشافي، ما يشكل خطراً جدياً على حياة الناس، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.”

 

8. أزمة المياه لا حدود لها:

يجب التنويه، أن هذه المداخلة اختصت بشمال شرق سوريا، لصعوبة التطرق إلى أزمة المياه في عموم البلاد، حيث أن لتحديات المياه ذات الأثر المهدد للحياة في المناطق شمال غرب البلاد. على سبيل المثال، رصدت منظمة سورية محلية مشاركة في هذه المراسلة، بتاريخ 23 حزيران/يونيو2023، مظاهرة تحت شعار “الباب عطشى”، نظمها أهالي مدينة الباب، وطالبوا فيها المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة السورية لتعيد تفعيل ضخ مياه محطة عين البيضا. حتى عام 2017، اعتمد سكان مدينة الباب وبلدتي بزاعة وقباسين شمال حلب، بشكل رئيسي على مياه محطة عين البيضا، حيث قطعت الحكومة السورية المخصصات عنها بعد عام من سيطرتها على قرية عين البيضا، بريف كوريس، عام 2016.

تبعد المحطة مسافة 16 كيلومتراً عن مدينة الباب، التي استجرت المياه عبر مجرى مائي ينقل حصتها من محطة ضخ مياه الخفسة على نهر الفرات. تلا القطع ” أزمة ذات طابع إنساني”،[32] فالمدينة كانت تعاني أساساً من أضرار في البنية التحتية، بما فيها شبكات المياه والصرف الصحي، رافقت العمليات العسكرية[33] ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بين عامي 2016 و2017.

أخبر أحد سكان المدينة إحدى المنظمات الشريكة في هذه المراسلة، أن المجلس المحلي في الباب أطلق مشروعاً لتغذية الأهالي بالمياه بعد قطع مياه المحطة، حيث اعتمد المشروع على 13 بئر جوفي، والتي بدأت تجف منذ فترة. أضاف المصدر، “أن المياه التي تصل لمدينة الباب من سيارات النقل أو مجلس المدينة غير معالجة أو معقمة بمادة الكلور مما يؤدي لحالات تسمم يومية. قطع المياه عن مدينة الباب كان سبباً بدمارها اقتصادياً، حيث كانت تلك المياه تستخدم في الزراعة أيضاً، وعدد ليس بقليل من أهالي المدينة هم مزارعون.”

 

9. رأي قانوني:

لقد تطور الإطار القانوني المتعلق بالاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية منذ القرن التاسع عشر بما صار يعتبر أحد أقسام القانون الدولي للمياه. وتعتبر اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية عام 1997 (اتفاقية مجاري المياه) الاتفاقية الدولية الوحيدة التي تؤسس لمبادئ وقواعد التعاون بين الدول حول إدارة واستخدام وتوزيع وحماية المجاري المائية الدولية. للأسف، لم تنضم تركيا لهذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ عام 2014، وأبدت اعتراضات متعددة عليها وصوتت ضدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة. على الرغم من ذلك، هناك عدة صكوك قانونية دولية أخرى منها ما يعتبر انعكاساً للقانون الدولي العرفي التي تنظم العلاقات الدولية فيما يخص المجاري المائية الدولية. كما أن حالة النزاع المسلح القائم في سوريا منذ 2012 وانخراط تركيا فيها تستدعي إنفاذ أحكام القانون الدولي الإنساني ذات الصلة، عدا عن أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.

أولاً: المبادئ والقواعد الأساسية ذات الصلة في القانون الدولي للمياه:
  • مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول: يعتبر أحد أبرز الأعراف الدولية حول إدارة المجاري المائية الدولية. وعلى الرغم من ان مبدأ سيادة الدولة يمنح الدول الحق في استخدام المياه العذبة المشتركة ضمن أراضيها، إلا أن هذا يتطلب القيام بذلك بصورة منصفة ومعقولة مقابل الدول الأخرى.[34] تدل الممارسة المستمرة للدول وكذلك العديد من قرارات وآراء المحاكم الدولية والوطنية على أن هذا المبدأ يعتبر عُرفاً دولياً ملزماً بغض النظر عن عدم انضمام تركيا لمعظم المعاهدات الدولية والإقليمية الناظمة لقضايا المجاري المائية الدولية. على سبيل المثال، لقد اعتبرت محكمة العدل الدولية أن تشيكوسلوفاكيا (السابقة) قد حرمت هنغاريا من حقها في المشاركة المنصفة والمعقولة في الموارد الطبيعية لنهر الدانوب ، وذلك من خلال فرض سيطرة تشيكوسلوفاكيا على هذا المورد المشترك، والآثار المستمرة المترتبة عن تحويل هذه المياه على النظام البيئي لمناطق في هنغاريا. واعتبرت المحكمة أن تشيكوسلوفاكيا قد فشلت في احترام مبدأ التناسب المفروض في القانون الدولي في الاستخدام المنصف والمعقول للمجاري المائية.[35]

ينبع مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول من مبدأ المساواة السيادية بين الدول، وبالتالي لا يحق لأي دولة مشتركة في المجاري المائية أن تدعي سموّ حقها في الموارد المشتركة على حقوق الدول الأخرى بغض النظر عن موقع أو مصدر هذه المجاري المائية. ولأن الإنصاف لا يعني المساواة الكمية، فإن الوفاء بهذا المبدأ وتحقيق الاستخدام المثالي بين الدول المشتركة في المجاري المائية يتطلب مرونة وتكيفاً دورياً مع العديد من الظروف والشروط المتغيرة مثل الظروف الجغرافية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.[36]

في السياق نفسه، لا يمكن لدول أخرى غير دولة المنبع أن تدعي حقوقاً كمّيّة في المياه أكثر من دولة المنبع لمجرد، على سبيل المثال، أنها سبقت دولة المنبع بتطوير برامج استخدام للمياه، لأن مثل هذا الادعاء سيؤدي إلى استخدام غير منصف وغير معقول لدولة المنبع عندما تقوم بتطوير برامج ومشاريع مماثلة ومناسبة لحاجاتها.[37]

بناءً على ذلك، لا يمكن لأي دولة مشتركة في المجاري المائية أن تتذرع بأمر واقع ما كي تستحوذ على الحق في المجاري المائية الدولية، بل يجب عليها أن تستمر في إنفاذ مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول من خلال مراجعة وتقييم مستمرين لأن تغيير الظروف يتطلب التعديلات في الاستخدام،[38] وقد يكون النزاع المسلح في سوريا وديناميكيات السيطرة المتنوعة في البلاد بالتزامن مع تحديات التغيير المناخي من أوضح الأمثلة التي تفرض على تركيا مثل هذا النوع من المراجعة والتقييم.

  • مبدأ عدم التسبب بالضرر: ويعتبر أحد أحكام القانون الدولي العرفي الذي ينطبق على القانون الدولي للمياه عدا عن كونه نافذاً على كافة مناحي القانون الدولي والعلاقات الدولية.[39] ويمكن تفسير هذا المبدأ بالقول أن الدول يمكنها استخدام ما تملكه دون التسبب بالضرر لما تملكه الدول الأخرى. هذا المبدأ مرتبط بشكل وثيق بقواعد حسن الجوار[40] وعدم إساءة استخدام الحقوق.[41] بناءً على هذا المبدأ، يقع على عاتق الدول واجب الفعل وليس واجب النتيجة، أي يجب عليها أن تتخذ كافة التدابير المعقولة لعدم التسبب بضرر ملحوظ. وللقيام بذلك، على الدول أن تراعي الوقائع والحقائق في كل حالة وفق مبدأ العناية الواجبة. ينطبق هذا المبدأ على دول المنبع والدول المشترِكة في المجاري المائية على حد سواء.
  • الالتزامات الإجرائية: على الدول المشترِكة في المجاري المائية أن تلتزم بمجموعة من الإجراءات التي تضمن إنفاذ التزاماتها الأخرى من جهة، وتؤدي إلى تجنب الخلافات بين الدول من جهة أخرى. أهم هذه الالتزامات واجب التبليغ المسبق، واجب تبادل المعلومات والبيانات، واجب التشاور مع الدول التي يحتمل تأثرها، واجب إجراء تقييم للأثر البيئي، وواجب التعاون.[42] وللدلالة على أهمية هذه الواجبات الإجرائية، فالدولة لا يمكنها تنفيذ مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول دون أن تشارك مع الدول الأخرى المتأثرة البيانات والمعلومات اللازمة الضرورية لجميع الأطراف وأن تتشاور معها للتقييم المستمر لاستخدامات المياه مع الأخذ بعين الاعتبار كافة العوامل المؤثرة على مصالح هذه الدول.

ولقد لاحظت محكمة العدل الدولية واجب تقييم الأثر البيئي كأحد القواعد العرفية في القانون الدولي حيث قررت أنه على الدول أن تقوم بهذا التقييم “حين يكون هناك خطر أن يتسبب النشاط المقترح تأثيراً مجحفاً في السياق العابر للحدود، خاصة على الموارد المشتركة”.[43]

إن التبعات البيئية للتدابير التي تقوم بها الدول المشترِكة في المجاري المائية يجب ألا تقتصر على تقييم الأثر البيئي على الدول الأخرى المعنية، بل تتجاوزها لتراعي الاعتبارات البيئية عموماً ومنها على سبيل المثال في الحالة السورية الآثار المترتبة على المياه الجوفية وتلوث التربة والتصحر وغير ذلك.

  • الحاجات الإنسانية الحيوية: لا يجب الركون إلى أن النصوص الناظمة للقانون الدولي للمياه لا تتناول حرفياً الحقوق الفردية يبرر إغفال هذه الحقوق. إن الخلفية المنطقية لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول بحد ذاته وأحكام القانون الدولي للمياه التي تنظم إدارة وتوزيع المياه بين الدول هي أنها بحد ذاتها تهدف للاستجابة للحاجات الإنسانية الحيوية، وبالتالي يجب إعطاءها الأولوية على أية استخدامات أخرى.[44]
ثانياً: الإطار القانوني المرتبط بالنزاع السوري والانخراط التركي فيه:
  • الاحتلال: ينص القانون الدولي الإنساني على أنه عندما تمارس دولة سيطرة فعلية على جزء من أراضي دولة أخرى، فإنها تخضع لقوانين الاحتلال، بما في ذلك الالتزام بتأمين الحاجات الأساسية للسكان ومن ضمنها المياه. ما إذا كانت الدولة تمارس مثل هذه السيطرة هي مسألة حقيقة ولا يتم تحديدها من خلال آراء الأطراف المعنية.[45] وفقاً للقانون الدولي الناظم للاحتلال، لا يحق لقوة الاحتلال استخدام الموارد الطبيعية للمناطق المحتلة بشكل تعسفي لغاياتها الخاصة، ولكن يمكنها استخدامها للحد الضروري للإدارة الحالية للمناطق المحتلة وللاستجابة للحاجات الأساسية للسكان.[46] لا يحق لقوة الاحتلال تحت أي ظرف من الظروف استغلال السكان أو الموارد أو أي أصول أخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها لفائدة أراضيها أو سكانها.[47] بناءً على ذلك، وبالإضافة إلى القانون الدولي للمياه أعلاه، فإن استغلال تركيا لحالة الاحتلال والسيطرة الفعلية على أراضٍ سورية بمواردها المائية وبعض المرافق المائية الحيوية خدمة لغايات ومقاصد خاصة بأراضيها ومواردها المائية من جهة، أو لغايات سياسية أخرى منها المساومة مع أطراف أخرى في النزاع المسلح مثل الحكومة السورية أو الإدارة الذاتية من جهة أخرى، يعتبر انتهاكاً واضحاً لهذا المبدأ.
  • الأحكام ذات الصلة من القانون الدولي الإنساني: يجب على جميع الأطراف المنخرطين في النزاع المسلح التخفيف من التأثير السلبي على حق المدنيين في الوصول للمياه حتى وإن لم تكن البنية التحتية للمياه هدفاً متعمداً للهجوم.[48] فبالإضافة إلى الالتزامات السلبية على أطراف النزاع مثل عدم استهداف المياه باعتبارها من الأعيان المدنية التي لا غنى عنها لبقاء السكان على قيد الحياة، يحظر القانون الدولي استخدام المياه وبنيتها التحتية كسلاح ومن ضمن ذلك تحويل المياه أو منع الوصول إليها لغايات الإكراه أو الضغط السياسي. وتعتبر بعض الممارسات مثل القطع المتعمد لإمدادات المياه أحد أشكال تحويل المياه المحظورة في القانون الدولي خاصة عندما ترتبط بسياقات محددة كأن يكون السكان يعتمدون كلياً على مصدر المياه الذي تم تحويله أو منع الوصول إليه، كما هو الحال بالنسبة للممارسات المتعلقة بمحطة علوك على سبيل المثال. وتنطبق هذه الأحكام على جميع أطراف النزاع بما فيها المجموعات المسلحة من غير الدول وقوة الاحتلال والجهات الحكومية. كما أن واجب الاستجابة وتأمين حاجات السكان المدنيين يفرض على أطراف النزاع التزامات إيجابية تفرض عليهم القيام بإجراءات وتدابير من شأنها ضمان إدارة أكثر فعالية للموارد المائية وبنيتها التحتية.
  • استمرار نفاذ القانون الدولي لحقوق الإنسان: من الراسخ في القانون والممارسة الدوليين أن أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان تبقى نافذة خلال النزاع المسلح، وفي بعض الحالات قد تكون لها الأولوية خاصة عندما تكون أحكام القانون الدولي الإنساني الأخرى قاصرة عن تقديم حماية أكثر شمولاً. وفي الحالة السورية، تبقى الدولة السورية المسؤولة الرئيسية عن تأمين وصول السكان للمياه وعليها اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الممكنة لضمان تمتعهم بذلك الحق المكرس في العديد من صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما تتحمل تركيا بصفتها قوة احتلال المسؤولية ذاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها. كما بات من المعترف به نفاذ أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان على المجموعات المسلحة من غير الدول التي تمارس سلطة أمر واقع أو سيطرة فعلية على المناطق والسكان.[49] بالإضافة إلى واجب الدول في احترام الحق في المياه، يجب أن تتخذ التدابير المناسبة لضمان حماية هذا الحق من تدخلات أطراف أخرى، وكذلك لإنفاذ هذا الحق. إن الممارسات أو الإغفالات التي تشهدها حالة المياه في سوريا قد ترقى لتكون انتهاكاً واضحاً لأنواع الالتزامات الثلاثة: الاحترام والحماية والإنفاذ.[50]

 

10. توصيات مشتركة:

  1. إنشاء آلية مراقبة محايدة ومستقلة بشأن نهر الفرات وجميع الموارد المائية العابرة للحدود التي تشترك فيها سوريا وتركيا والعراق، تكون مهمتها مراقبة الالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقواعد القانون الدولي ودعم حوار بين أصحاب المصلحة للوصول إلى تسوية مستدامة تضمن استخدام المياه بشكل منصف ومعقول.
  2. إجراء تقييم كامل لاحتياجات المياه وشبكات الصرف الصحي في شمال شرق سوريا، بالتركيز على التغيرات المناخية وأثرها المستقبلي على مصادر المياه المتوافرة.
  3. السماح بإعادة تشغيل محطة علوك بشكل فوري ومستدام، وتحييد كافة الموارد المائية عن النزاعات السياسية، وضمان حصول جميع السكان على تلك الموارد والوصول إلى مياه صالحة للشرب بشكل عادل وغير تمييزي.
  4. ‏إعطاء الأولوية للحفاظ على الموارد المائية الحالية وتجنب نضوبها، الى جانب إعادة تأهيل بناها التحتية والبدء بعملية تنظيف وعلاج جميع ‏الموارد المائية والأنهار الملوثة.
  5. الضغط على جميع الأطراف، بمن فيهم الحكومة السورية وسلطات الإدارة الذاتية، من أجل تحمّل مسؤولياتها في توفير ما تحتاجه مناطق شمال وشرق سوريا من تدخلات لتجنب عودة انتشار الأوبئة مثل الكوليرا، ومنها زيادة عدد محطات المياه.

 

—————–

[1] لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. التعليق رقم 15. (الحق في المياه) – (المادتان 11 و12 من العهد). متوفر على الرابط: https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/15/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=E%2fC.12%2f2002%2f11&Lang=en

[2] “Population Estimation of AANES”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_eb8f691cd79f41c6b214c4a991150e3a.pdf

[3] Latest Update on Country Situation, ACAPS, (Last visited: 7 July 2023). https://www.acaps.org/en/countries/syria#:~:text=Around%20three%20million%20people%20live,Syria%2C%20including%20over%20655%2C000%20IDPs

[4] “Current Situation of the Water Crisis in Northeast Syria and its Humanitarian Impacts”, REACH, 26 June 2023.  https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/current-situation-water-crisis-northeast-syria-and-its-humanitarian-impacts-july-2023-northeast-syria

[5] “Drought in Syria and Iraq – April 2021”, GDO, 22 April 2021. https://edo.jrc.ec.europa.eu/documents/news/GDODroughtNews202104_Syria_Iraq.pdf

[6] “Climate Change its Causes & Consequences”, HDC,  https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_e154c459a4d34bc58b8ba2b38a0914ca.pdf

[7] “Current Situation of the Water Crisis in Northeast Syria and its Humanitarian Impacts”, REACH, 26 June 2023.  https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/current-situation-water-crisis-northeast-syria-and-its-humanitarian-impacts-july-2023-northeast-syria

[8]” الإدارة الذاتية تمنع حفر الآبار الجوفية”، نورث برس، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://npasyria.com/126843/

[9] “Water Crisis and Its Repercussions”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_ad65c5b99b39498381a51b14cf5a66d7.pdf

[10] “سوريا: أطراف النزاع يفاقمون وباء الكوليرا”، هيومان رايتس واتش، 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://www.hrw.org/ar/news/2022/11/07/syria-parties-conflict-aggravate-cholera-epidemic

[11] “تركيا/سوريا: المياه سلاح خلال وباء عالمي؟”، هيومان رايتس واتش، 31 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023).

https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/31/340129

[12] “قطع مياه محطة علوك 36 مرة منذ سيطرة الفصائل على رأس العين”، رووداو، 1 تموز/يوليو 2023 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://www.rudawarabia.net/arabic/kurdistan/01072023

[13]” التسلسل الزمني لمسألة تكرار قطع مياه محطة علوك شمال شرق سوريا”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 31 آب/أغسطس 2020 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b3%d9%84%d8%b3%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%85%d9%86%d9%8a-%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a3%d9%84%d8%a9-%d8%aa%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d9%82%d8%b7%d8%b9-%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d9%85/

[14] “تركيا: تكرار استخدام مياه “علوك” كسلاح خلال جائحة كوفيد 19 في سوريا”، 28 نيسان/أبريل 2020 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ae%d8%af%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%83-%d9%83%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%ae/

[15] “تركيا/سوريا: المياه سلاح خلال وباء عالمي؟”، هيومان رايتس واتش، 31 آذار/مارس 2020 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023).

https://www.hrw.org/ar/news/2020/03/31/340129

[16] “Syrian Army Secures Key Power Station in Northern al-Hasakah”, South Front, 8 December 2019 (Last visited: 7 July 2023). https://southfront.org/syrian-army-secures-key-power-station-in-northern-al-hasakah/

[17] “Water Crisis and Its Repercussions”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_ad65c5b99b39498381a51b14cf5a66d7.pdf

[18] “Current Situation of the Water Crisis in Northeast Syria and its Humanitarian Impacts”, REACH, 26 June 2023.  https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/current-situation-water-crisis-northeast-syria-and-its-humanitarian-impacts-july-2023-northeast-syria

[19] “Water Shortage Crisis Escalating Between Turkey, Iraq and Syria”, Save Tigris, 13 March 2021 (Last visited: 7 July 2023). https://www.savethetigris.org/water-shortage-crisis-escalating-between-turkey-iraq-and-syria/

[20] “Protocol on Matters Pertaining to Economic Cooperation between the Syrian Arab Republic and the Republic of Turkey”, signed on 17 July 1987. http://gis.nacse.org/tfdd/tfdddocs/1086ENG.pdf

[21] “Allouk Water Station Shutdown and Humanitarian crisis, Syria”, Environmental Justice Atlas, 15 February 2023 (Last visited: 7 July 2023). https://ejatlas.org/conflict/the-allouk-water-station-shutdown-a-humanitarian-crisis-in-northeastern-syria

[22]” الانحسار الكبير لمنسوب نهر الفرات يهدد مناطق واسعة من سوريا بالجفاف”، فرانس24/ أ ف ب، 30 آب/أغسطس 2021 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://www.france24.com/ar/%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/20210830-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B3%D9%88%D8%A8-%D9%86%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%8A%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%82-%D9%88%D8%A7%D8%B3%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%81%D8%A7%D9%81

[23] “Water Crisis and Its Repercussions”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_ad65c5b99b39498381a51b14cf5a66d7.pdf

[24] UN-ESCWA and BGR (United Nations Economic and Social Commission for Western Asia; Bundesanstalt für

Geowissenschaften und Rohstoffe). 2013. Inventory of Shared Water Resources in Western Asia. Beirut. https://waterinventory.org/sites/waterinventory.org/files/chapters/Chapter-02-Shared-Tribiutaries-of-the-Euphrates-River-web_0.pdf

[25] “Killing the Khabur: How Turkish-backed armed groups blocked northeast Syria’s water lifeline”, PAX, 3 November 2021 (Last visited: 7 July 2023). https://paxforpeace.nl/news/killing-the-khabur-how-turkish-backed-armed-groups-blocked-northeast-syrias-water-lifeline/

[26] “شمال شرق سورية: الملايين يواجهون نقص المياه والخدمات الصحية المعطلة”، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 21 آيار/مايو 2020 (آخر زيارة للرابط: 6 تموز/يوليو 2023). https://www.icrc.org/ar/document/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D9%88%D9%86-%D9%86%D9%82%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B7%D9%84%D8%A9

[27] “Research Terms of Reference: Cholera Surveillance at Health Facilities in Northeast Syria, SYR2214 (Nov 2022, Version 1)”, REACH, 6 December 2022 (Last visited: 7 July 2023). https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/research-terms-reference-cholera-surveillance-health-facilities-northeast-syria-syr2214-nov-2022-version-1

[28]” الكوليرا شمال شرقي سوريا: انتشار واسع وبنى تحتية ضعيفة”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 24 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b4%d8%b1%d9%82%d9%8a-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b4%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d8%b3%d8%b9-%d9%88/

[29]” تقرير موجز: الكوليرا في دير الزور وباء قابل للعودة مستقبلاً”، العدالة من أجل الحياة، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://jfl.ngo/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%B1%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9/

[30] “حوض الفرات وسدوده السورية”، منظمة التعاون الإنساني ‏والإنمائي، https://www.linkedin.com/posts/dcagency-nes_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D8%B5%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%B3%D8%AF%D9%88%D8%AF%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-activity-7084626054291550208-ZqMU?utm_source=li_share&utm_content=feedcontent&utm_medium=g_dt_web&utm_campaign=copy

[31] “تركيا: تكرار استخدام مياه “علوك” كسلاح خلال جائحة كوفيد 19 في سوريا”، 28 نيسان/أبريل 2020 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ae%d8%af%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%83-%d9%83%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%ae/

[32]” أزمة مياه الباب: لا مهرب من “العطش” في ظل الجفاف وغياب الحلول الجذرية”، سوريا على طول، 15 أيلول/سبتمبر 2021 (آخر زيارة للرابط: 7 تموز/يوليو 2023). https://syriadirect.org/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%84%D8%A7-%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B7%D8%B4-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%A7/?lang=ar

[33] “Water Crisis in Northern and Northeast Syria – Immediate Response and Funding Requirements”, OCHA, 9 September 2021 (Last visited: 7 July 2023). https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/water-crisis-northern-and-northeast-syria-immediate-response-and-funding

[34] See in general, Stephen McCaffrey (ed.), ‘The Law of International Watercourses’, Oxford University Press, Third Edition (2019).

[35] Gabčíkovo-Nagymaros Project (Hungary/Slovakia), Judgment, I.C.J. Reports 1997, p. 7, para. 85.

[36] See, International Law Association, Berlin Conference (2004), Water Resources Law, Article 13 (Available at: http://www.cawater-info.net/library/eng/l/berlin_rules.pdf).

[37] Stephen McCaffrey, ‘The Law of International Watercourses: Some recent Developments and Unanswered Questions’, Denver Journal of International Law and Policy, Spring (1991), p. 509.

[38] Mohamed S. Helal, ‘Sharing Blue Gold: The UN Convention on the Law of the Non-Navigational Uses of International Watercourses Ten Years On’, Colorado Journal of International Environmental Law and Policy, Vol. 18, No. 2. (2007), p. 345.

[39] See, for example: Corfu Channel (United Kingdom of Great Britain and Northern Ireland v. Albania) (Merits), I.C.J. reports 1949, p. 4, para. 22.

[40] UN General Assembly, Declaration on Principles of International Law concerning Friendly Relations and Cooperation among States in accordance with the Charter of the United Nations (A/8082), Resolution No. 2625 (XXV), 24 October 1970.

[41] See: PCIJ, Germany v. Poland (1926), P.C.I.J. (Ser. A) No. 7 at 30.

[42] B. Baker Röben, ‘International Freshwaters’, in F.L. Morrison and R. Wolfrum (eds.), International, Regional and National Environmental Law (2000), pp. 303-304.

[43] Pulp Mills on the River Uruguay (Argentina v. Uruguay), Judgment, I.C.J. Reports 2010, p. 14, para. 204.

[44] K. Bourquain, ‘Freshwater Access from a Human Rights Perspective: A Challenge to International Water and Human Rights Law’, Brill-Nijhoff (2008), p. 43.

[45] For an overview of state practice and judicial decisions confirming that occupation is a question of fact, see: Tristan Ferraro ‘Determining the Beginning and End of Occupation under International Humanitarian Law’, International Review of the Red Cross, pp 132-138.

[46] See, for example: James Crawford, ‘Opinion: Third Party Obligations with respect to Israeli Settlements in the Occupied Palestinian Territories’ (24 January 2012 ) (Available at: https://www.tuc.org.uk/sites/default/files/tucfiles/LegalOpinionIsraeliSettlements.pdf).

[47] Antonio Cassese, ‘Powers and Duties of an Occupant in Relation to Land and Natural Resources’ in E Playfair, (ed.) International Law and the Administration of Occupied Territories – Two Decades of Israeli Occupation of the West Bank and Gaza Strip (Clarendon Press: Oxford, 1992), 420-1.

[48] See in general: Diakonia International Humanitarian Law Centre, ‘Protection of Water in Non-International Armed Conflicts’ (May 2023) (Available at: https://www.diakonia.se/ihl/news/protection-of-water-in-non-international-armed-conflicts/).

[49] UNOHCHR, Joint Statement by independent United Nations human rights experts on human rights responsibilities of armed non-State actors (25 February 2021), (Available at: https://www.ohchr.org/en/press-releases/2021/02/joint-statement-independent-united-nations-human-rights-experts-human-rights).

[50] See, for example: UNOHCHR, The Right to Water, Fact Sheet No. 35 (August 2010) (Available at: https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/FactSheet35en.pdf).

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق اقرا المزيد